الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }

وخامساً أن النسبة التي بين الناسخ والمنسوخ غير النسبة التي بين العام والخاص وبين المطلق والمقيد وبين المجمل والمبين، فإن الرافع للتنافي بين الناسخ والمنسوخ بعد استقراره بينهما بحسب الظهور اللفظي هو الحكمة والمصلحة الموجودة بينهما، بخلاف الرافع للتنافي بين العام والخاص والمطلق والمقيد والمجمل والمبين فإنه قوة الظهور اللفظي الموجود في الخاص والمقيد والمبين، المفسر للعام بالتخصيص، وللمطلق بالتقييد، وللمجمل بالتبيين على ما بين في فن أصول الفقة، وكذلك في المحكم والمتشابه على ما سيجيء في قولهمنه آيات محكمات هُنَّ أُم الكتاب وأُخر متشابهات } آل عمران 7. قوله تعالى { أو ننسها } ، قرىء بضم النون وكسر السين من الانساء بمعنى الإِذهاب عن العلم والذكر وقد مرّ توضيحه، وهو كلام مطلق أو عام غير مختص برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بل غير شامل له أصلاً لقوله تعالىسنقرئُك فلا تنسى إِلاَّ ما شاء الله } الأعلى 6، وهي آية مكية وآية النسخ مدنية فلا يجوز عليه النسيان بعد قوله تعالى { فلا تنسى } ، وأما اشتماله على الاستثناء بقوله { إلاَّ ما شاء الله } فهو على حد الاستثناء الواقع في قوله تعالىخالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلاَّ ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ } هود 108، جيء بها لإِثبات بقاء القدرة مع الفعل على تغيير الأمر، ولو كان الاستثناء مسوقاً لبيان الوقوع في الخارج لم يكن للامتنان بقوله { فلا تنسى } معنى، إذ كل ذي ذكر وحفظ من الإِنسان وسائر الحيوان كذلك يذكر وينسى وذكره نسيانه كلاهما منه تعالى وبمشيئته، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كذلك قبل هذا الإِقراء الامتناني الموعود بقوله سنقرئُك يذكر بمشيئة الله وينسى بمشيئة الله تعالى فليس معنى الاستثناء إلاَّ إثبات إطلاق القدرة أي { سنقرئك فلا تنسى } أبداً والله مع ذلك قادر على إنسائك هذا. وقرىء قوله ننسأها بفتح النون والهمزة من نسئ نسيئاً إذا أخر تأخيراً فيكون المعنى على هذا ما ننسخ من آية بإزالتها أو نؤخرها بتأخير إظهارها نأت بخير منها أو مثلها ولا يوجب التصرف الإِلهي بالتقديم والتأخير في آياته فوت كمال أو مصلحة، والدليل على أن المراد بيان أن التصرف الإِلهي يكون دائماً على الكمال والمصلحة هو قوله بخير منها أو مثلها فإن الخيرية إنما يكون في كمال شيء موجود أو مصلحة حكم مجعول، ففي ذلك يكون موجود مماثلاً لآخر في الخيرية أو أزيد منه في ذلك، فافهم. بحث روائي قد تكاثرت روايات الفريقين عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة وعن أئمة أهل البيت عليه السلام ان في القرآن ناسخاً ومنسوخاً. وفي تفسير النعماني عن أمير المؤمنين عليه السلام بعد ذكر عدة آيات من الناسخ والمنسوخ قال عليه السلام ونسخ قوله تعالى { وما خلقت الجن والإِنس إلاَّ ليعبدون } قوله عز وجل { ولا يزالون مختلفين إلاَّ من رحم ربك } ولذلك خلقهم أي للرحمة خلقهم.

PreviousNext
1 2 3 5