الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ ٱلطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ ٱجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ٱدْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَٱعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }

{ (260) وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى } إنما سأل ذلك ليصير علمه عياناً { قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن } بأني قادر على الاحياء باعادة التركيب والحياة قال له ذلك وقد علم انه اعرق الناس في الإيمان وأثبتهم ليجيب بما أجاب فيعلم السامعون غرضه { قَالَ بَلَى وَلَكِن لِيَطْمَئِنَ قَلْبِي } اي بلى آمنت ولكن سألت لأزيدن بصيرة وسكون قلبي بمضامة العيان إلى الوحي والبيان، في المحاسن والعياشي سئل الرضا عليه السلام كان في قلبه شك قال لا كان على يقين ولكنه اراد الله الزيادة في يقينه { قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطّيْرِ فَصُرْهُنَّ } فاملهن وقرئ بكسر الصاد واضممهنَّ { إِلَيْكَ } لتتأمّلها وتعرف شأنها لئلا تلتبس عليك بعد الاحياء { ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍّ مِنْهُنَّ جُزْءاً } قطعهن واخلطهن وفرّق الأجزاء على الجبال وقرئ جزءاً مثقّلاً مهموزاً ومشدداً { ثُمَّ ادْعُهُنَّ } قل لهنَّ تعالين باذن الله { يَأْتِيَنكَ سَعْياً } ساعيات مسرعات { وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ } لا يعجز عما يريده { حَكِيمٌ } ذو حكمة بالغة في كل ما يفعله ويدبّره.

في الكافي والعياشي عن الصادق عليه السلام لما رأى إبراهيم عليه السلام ملكوت السماوات والأرض التفت فرأى جيفة على ساحل البحر نصفها في الماء ونصفها في البر تجيء سباع البحر فتأكل ما في الماء ثم ترجع فيشدّ بعضها على بعض فيأكل بعضها بعضاً وتجيء سباع البر فتأكل منها فيشد بعضها على بعض فيأكل بعضها بعضاً فعند ذلك تعجّب إبراهيم مما رأى وقال رب أرني كيف تحيي الموتى قال كيف تخرج ما تناسل التي أكل بعضها بعضاً قال { أولم تُؤْمِنْ } قال بلى ولكن ليطمئن قلبي يعني حتى أرى هذا كما رأيت الأشياء كلها قال فخذ أربعة من الطير فصرهُن إليك ثم اجعل على كل جبل منهم جزء فقطعهن واخلطهن كما اختلطت هذه الجيفة في هذه السباع التي أكل بعضها بعضاً فخلّط ثم اجعل على كل جبل منهن جزء ثم ادعهن يأتينك سعياً فلما دعاهن أجبته وكان الجبال عشرة.

وفي العيون عن الرضا عليه السلام ان الله تعالى اوحى إلى إبراهيم انّى متّخذ من عبادي خليلاً ان سألني احياء الموتى أجبته فوقع في نفس إبراهيم انه ذلك الخليل فقال رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي على الخلّة قال فخذ أربعة من الطير فصرهنّ إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزء ثم ادعهن يأتين سعياً واعلم ان الله عزيز حكيم فأخذ إبراهيم نسراً وبطّاً وطاووساً وديكاً فقطّعهن وخلطهن ثم جعل على كل جبل من الجبال التي حوله وكانت عشرة منهن جزء وجعل مناقيرهن بين أصابعه ثم دعاهن بأسمائهن ووضع عنده حباً وماء فتطايرت تلك الأجزاء بعضها إلى بعض حتى استوت الأبدان وجاء كل بدن حتى انضمّ إلى رقبته ورأسه فخلّى إبراهيم عن مناقيرهن فطرن ثم وقعن فشربن من ذلك الماء والتقطن من ذلك الحب وقلن يا نبيّ الله أحييتنا أحياك الله فقال إبراهيم بل الله يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير.

السابقالتالي
2