الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ نۤ وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ } * { مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ } * { وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ } * { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } * { فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ } * { بِأَييِّكُمُ ٱلْمَفْتُونُ } * { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ } * { فَلاَ تُطِعِ ٱلْمُكَذِّبِينَ } * { وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ } * { وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ } * { هَمَّازٍ مَّشَّآءٍ بِنَمِيمٍ } * { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ } * { عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ } * { أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ } * { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { سَنَسِمُهُ عَلَى ٱلْخُرْطُومِ }

قرأ الكسائي وابو بكر عن عاصم { ن والقلم } بالاخفاء. الباقون بالاظهار. والاظهار اقوى، لان النية بها الوقف إذ هي حرف هجاء. ويجوز ادغام النون الثانية في الواو المقارنة على قياس (من واقد) ولم يقرأ به احد. وقرأ { آن كان ذا مال } بهمزة واحدة ممدودة يعقوب وابو جعفر وابن عامر - وبهمزتين - حمزة وابو بكر، الباقون بهمزة واحدة. واختلفوا في معنى (ن) فى هذا الموضع. فقال قوم: هو اسم من أسماء السورة مثل (حم، والم وص، وق) وما اشبه ذلك. وهو الذى قلنا إنه اقوى الأقوال. وقال ابن عباس - فى رواية عنه - إن النون الحوت الذى عليه الارضون. وفي رواية أخرى عنه إن النون الدواة. وهو قول الحسن وقتادة، وروي في خبر عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال: " (نون) لوح من نور " وقال قوم: تقديره ورب نون والقلم. والقلم آلة مبرية للكتابة. والمقلمة وعاء القلم، وجمعه أقلام، ومنه قلامة الظفر، لانه يؤخذ منه كالأخذ بالقط. وانجرّ القلم بالقسم. وقوله { وما يسطرون } (ما) في موضع جر بالعطف على { والقلم } وكان القسم بالقلم وما يسطر بالقلم، ويجوز ان تكون (ما) مصدرية، وتقديره: ن والقلم وسطركم، فيكون القسم بالكتابة، وعلى الأول بالمكتوب والسطر الكتابة، وهو وضع الحروف على خط مستقيم: سطر يسطر سطراً إذا كتب، وأسطر إذا كتب. وجمع السطر سطور واسطار، قال رؤبة:
اني وأسطار سطرن سطراً   
والمسطرة آلة التسطير. وقوله { ما أنت بنعمة ربك بمجنون } هو المحلوف عليه، وهو جواب القسم، ومعناه لست يا محمد بمجنون بنعمة ربك، كما تقول ما انت بنعمة ربك بجاهل، وجاز تقديم معمولها بعد الباء، لأنها زائدة مؤكدة في ما أنت بنعمة ربك بمجنون، وتقديره انتفى عنك الجنون بنعمة ربك، وإنما قال { ما أنت بنعمة ربك بمجنون } مع ان الجنة قد تكون نعمة، لأن الجنة لا تكون نعمة من حيث هي جنة، وإنما تكون نعمة من حيث تؤدي إلى مصلحة في الدين. والعافية تكون نعمة من حيث هي عافية، فلهذا حسن ما أنت بنعمة ربك بمجنون والجنون غمور العقل بستره عن الادراك به بما يخرج عن حكم الصحيح، وأصله الستر من قولهجن عليه الليل } إذا ستره. وقيل إن قوله { ما أنت بنعمة ربك بمجنون } جواب لقول المشركين حين قالوايا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون } فقال الله تعالى { ما أنت بنعمة ربك بمجنون }.

وقوله { وإن لك } خطاب للنبي صلى الله عليه وآله يقول له { وإن لك } يا محمد { لأجراً } أى ثواباً من الله على قيامك بالنبوة وتحملك بأعبائها { غير ممنون } أى غير مقطوع من قولهم منه السير يمنه مناً إذا قطعه، ويقال: ضعفت منتي عن السفر، ورجل منين أى ضعيف، ويجوز ان يكون المراد به إنه غير مكدر بالمن الذى يقطع عن لزوم الشكر، من قولهم: المنة تكدر الصنيعة.

السابقالتالي
2 3