الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ } * { وَإِذْ أَسَرَّ ٱلنَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ ٱللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَـٰذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْخَبِيرُ } * { إِن تَتُوبَآ إِلَى ٱللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ } * { عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً }

قرأ اهل الكوفة { تظاهرا } خفيفة. الباقون بالتشديد، يعني { تتظاهرا } فأدغم. ومن خفف حذف أحداهما. وقرأ الكسائي وحده { عرف بعضه } خفيفاً وهي قراءة الحسن وابي عبد الرحمن، وكان أبو عبد الرحمن إذا قرأ إنسان بالتشديد خطأه. وقرأ ابن كثير { جبريل } بفتح الجيم وكسر الراء من غير همزة. وقرأ - بكسر الجيم والراء من غير همز - نافع وابو عمرو وابن عامر وحفص عن عاصم. وقرأ بفتح الجيم والراء وكسر الهمزة مقصور على وزن (جحمرش) أبو بكر عن عاصم. وقرأ بفتح الجيم والراء مهموزة بين الراء والياء على وزن (خزعيل) حمزة والكسائي وقد بينا الوجه فى ذلك في سورة البقرة. قال ابو علي: جبريل - بكسر الجيم - بلا همزة على وزن (قنديل) وبفتح الجيم والراء والهمزة مع المد على وزن (عندليب) وبفتح الجيم والراء وكسر الهمزة على وزن (جحمرش) وليس في العربية على وزن (قنديل) بفتح القاف غير أنه جاء خارجاً على أوزان العربية.

هذا خطاب من الله تعالى للنبي صلى الله عليه وآله وعتاب له على تحريم ما أباحه الله له وأحله له، ولا يدل على انه وقعت منه معصية، لان العتاب قد يكون على أمر قد يكون الأولى خلافه، كما يكون على ترك الواجب.

وقيل في سبب نزول قوله { يا أيها النبي } قولان:

احدهما - قال زيد بن أسلم ومسروق وقتادة والشعبي وابن زيد والضحاك: ان النبي صلى الله عليه وآله حرم على نفسه مارية القبطية بيمين انه لا يقر بها طلباً لمرضاة حفصة زوجته، لانها غارت عليه من أجلها، وقال الحسن: حرم رسول الله أم ولده إبراهيم، وهي مارية القبطية على نفسه فأسر بذلك الى زوجته حفصة فأفضت به إلى عائشة وكانت حفصة بنت عمر قد زارت عائشة، فحلا بيتها، فوجه رسول الله الى مارية القبطية، وكانت معه وجاءت حفصة فأسر اليها التحريم.

والقول الثاني - ما رواه عبد الله بن شداد بن الهلال: ان النبي صلى الله عليه وآله كان شرب عند زينب شراب عسل كانت تصلحه له، فكان يطول مكثه عندها فكره ذلك عائشة وحفصة، فقالت له إنا نشم منك ريح المغافير، وهي بقلة متغيرة الرائحة - في قول المفسرين - وقال الزجاج: هي بقلة منتنة، فحرم النبي صلى الله عليه وآله شراب العسل الذي كان يشربه عند زوجته زينب بنت جحش. وقيل: ذكرت ذلك له حفصة، فحرمه النبي صلى الله عليه وآله على نفسه. ومن قال: انها نزلت بسبب مارية قال: انه قال: هي علي حرام، فجعل الله فيه كفارة يمين - ذكره ابن عباس والحسن - ومن قال: إن التحريم كان فى شراب كان يعجبه قال: إنه حلف على انه لا يشربه فعاتبه الله على تحريم ما أحل الله له.

السابقالتالي
2 3 4