قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَأَتْبَعَ سَبَباً }؛ أي طريقاً تؤدِّيه إلى مغرب الشَّمس. قَوْلُهُ تَعَالَى: { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ ٱلشَّمْسِ }؛ أي إلَى قومٍ لَم يكن بينَهم وبين مغرب الشَّمس أحدٌ؛ لأنه لا يُمكنه أن يبلُغَ موضعَ غروب الشَّمس. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ }؛ أي رآها تغربُ في الماءِ، وَقِيْلَ: في عينٍ ذات حَمَأَةٍ وهي الطينُ الأسودُ الْمُنْتَنُ. وتقرأ (حَامِيَةٍ) أي حارَّةٍ، وهي قراءةُ العبادلةِ الثلاثةِ - عَبْدُاللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَعَبْدُاللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُاللهِ بْنُ عُمَرَ - وابنُ عامرٍ وأهلُ الكوفةِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً }؛ أي عند العينِ، { قُلْنَا يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ }؛ قِيْلَ: في هذا دليلٌ أن ذا القرنين كان نبيّاً؛ لأن الانسانَ لا يعلمُ أمرَ الله إلاّ بالوحيِ، ولا يجوزُ الوحيُ إلاّ إلى الأنبياءِ، وَقِيْلَ: كان معه نبيٌّ، فأوحَى اللهُ إلى ذلك النبيِّ، وفي الجملةِ لا يُمكن إثباتُ النبوَّة إلاّ بدليلٍ مقطوع به. ورويَ " عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه سُئِلَ عن ذي القرنينِ قال: " هُوَ مَلِكٌ يَسِيْحُ فِي الأَرْضِ " " قال ابنُ الأنباريِّ: (إنَّهُ كَانَ نَبيّاً، فَإنَّ اللهَ قَالَ لَهُ كَمَا قَالَ لِلأنْبيَاءِ، إمَّا بتَكْلِيْمٍ أوْ بوَحْيٍ، وَمَنْ قَالَ لَمْ يَكُنْ نَبيّاً، قَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ ألْهَمْنَا كقولهِ{ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ } [القصص: 7] أي ألْهَمْنَاها. قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً }؛ أي قُلنا له إما أن تَقْتُلَهُمْ على الكفرِ إن أبَوا الإسلامَ، وإما أن تأسِرَهم فتعلِّمَهم الهدى وتبصِّرَهم الرشادَ.