الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ } * { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ } * { فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَٱتَّبِعْ قُرْآنَهُ } * { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ }

ونزل:سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ } [الأعلى: 6]، ونزل: { لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ }. قاله ابن عباس: و " قرآنه " أي وقراءته عليك، والقراءة والقرآن في قول الفراء: مصدران.

وقال قتادة: " فاتَّبع قرآنه " فاتَّبع شرائعه وأحكامه.

قوله: { وَقُرْآنَهُ } ، أي: قراءته، فهو مصدر مضاف للمفعول، وأما الفاعل فمحذوف، والأصل: وقراءتك إياه، والقرآن: مصدر بمعنى القراءة.

وقال حسان رضي الله عنه: [البسيط]
4994 - ضَحَّوْا بأشْمَطَ عُنوانُ السُّجُودِ بِهِ   يُقَطِّعُ اللَّيْلَ تَسْبِيحاً وقُرْآنا
وقال ابن عطية: قرأ أبو العالية: " إنَّ عَليْنَا جَمعهُ وقَرَتَهُ، فإذَا قَرَأنَاهُ فاتَّبع قَرَتهُ ". بفتح القاف والراء والتاء من غير همز ولا ألف. ولم يذكر توجيهها.

فأما توجيه قوله: " جَمعَهُ وقُرآنهُ " وقوله: " فاتَّبعْ قُرآنهُ " فواضح - كما تقدم - في قراءة ابن كثير في " البقرة " ، وأنه هل هو نقل أو من مادة " قرن " ، وتحقيق القولين مذكور ثمَّة فليلتفت إليه.

وأما قوله: بفتح القاف والراء والتاء، فيعني في قوله: " فإذا قَرَتَه " يشير إلى أنه قُرىء شاذّاً هكذا.

وتوجيهها: أن الأصل: " قَرَأتَهُ " فعلاً ماضياً مسنداً لضمير المخاطب، أي: فإذا أردت قراءته، ثم أبدل الهمزة ألفاً لسكونها بعد فتحة، ثم حذف الألف تخفيفاً، كقولهم: ولو ترى ما لصبيان، و " ما " مزيدة، فصار اللفظ " قَرَتَهُ ".

فصل في لفظ الآية

قوله: { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ } أي بمقتضى الوعد عند أهل السنة، وبمقتضى الحكمة عند المعتزلة. " جمعه " في صدرك " وقرآنه " أي: يعيده جبريل عليك حتى تحفظه وتقرأه بحيث لا تنساه، فعلى الأول: القارىء جبريل عليك، وعلى الثاني محمد صلى الله عليه وسلم والمراد بقراءته: جمعه كقوله: [الوافر]
4995 -..................   ...........لَمْ تَقْرَأ جَنِينَا
فيحمل الجمع على جمعه في الخارج، والقرآن على جمعه في ذهنه وحفظه لئلا يلزم التكرار، وأسند القراءة لله لأنها بأمره.

وقوله: " فاتبع قرآنه " قيل: حلاله وحرامه أو لا تقارئه بل اسكت حتَّى يسكت جبريل فاقرأ أنت، وهو أظهر؛ لأن الآية تدلّ على أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ مع جبريل، وكان يسأله في أثناء قراءته عن المشكلات فنهي عن الأول بقوله " فاتبع قرآنه " ، وعن الثاني بقوله: { ثم إن علينا بيانه }.

قوله: { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } أي: تفسير ما فيه من الحدود والحلال، والحرام. قاله قتادة. وقيل: { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } ما فيه من الوعد والوعيد.

وقيل: إنَّ علينا أن نبينه بلسانك. والضمائر تعود على القرآن، وإن لم يجر له ذكر.

وقوله: { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } يدل على أنَّ بيان المجمل واجب على الله - تعالى - أما عند أهل السُّنة فبالوعد والتفضل، وإما عند المعتزلة فبالحكمة. والله أعلم.

PreviousNext
1 3