الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُوا بِٱلإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ مَّا ٱكْتَسَبَ مِنَ ٱلإِثْمِ وَٱلَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ }

" أيْ بريرة هل رأيت من شيء يريبك " ؟ قالت له بريرة: والذي بعثك بالحق ما رأيت عليها أمراً قط أغمضُه أكثر من أنها جارية حديثة السن، تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله. قالت: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه فاستعذر من يومه فاستعذر من عبد الله بن أُبيّ بن سلول وهو على المنبر، فقال: " يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني عنه أذاه في أهلي، والله ما علمت على أهلي إلاّ خيراً، ولقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلاّ خيراً وما يدخل على أهلي إلا معي " ، قالت: فقام سعد بن معاذ أخو بني عبد الأشهل، فقال: أنا يا رسول الله أعذرك فإن كان من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك، قالت: وقام رجل من الخزرج وكانت أم حسان بنت عمه من فخذه وهو سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج، قالت عائشة: وكان قبل ذلك رجلاً صالحاً ولكن احتملته الحمية فقال لسعد: كذبتَ لعَمْر الله لا تقتلته ولا تقدر على قتله، ولو كان من رهطك ما أحببتَ أن يقتل، فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد وقال لسعد بن عبادة: فقال: كذبت لعمر الله لنقتلنّه فإنّك منافق تجادل عن المنافقين، قالت: فثار الحيّان الأوسُ والخزرج حتى همّوا أن يقتتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر، قالت: فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا وسكت. قالت: فبكيت يومي ذلك كله لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، قالت وأصبح أبواي عندي، وقد بكيت ليلتين ويوماً لا أكتحل بنوم، ولا يرقأ لي دمع حتى إني لأظنُّ أن البكاء فالق كبدي فبينا أبواي جالسان عندي، وأنا أبكي فاستأذنتْ عليّ امرأة من الأنصار فأذنتُ لها، فجلست تبكي معي. قالت: فبينا نحن على ذلك دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا فسلم ثم جلس، قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها، وقد لبث شهراً لا يُوحى إليه في شأني بشيء، قالت: فتشهد رسول الله عليه وسلم حين جلس ثم قال: " أما بعد يا عائشة إنه بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت برئية فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف ثم تاب تاب الله عليه ". قالت: فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته فاض دمعي حتى ما أحس منه قطرة، فقلت لأبي أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال، فقال أبي: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت لأمي: أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال، قالت أمي: والله ما أدري ما أقول لرسول الله، فقلت وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ من القرآن كثيراً: إني والله لقد علمت ولقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به، فلئن قلت لكم إني برئية لا تصدقوني، ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم إني بريئة لتصدقني، فوالله لا أجد لي ولكم مثلاً إلا أبا يوسف حين قال:

PreviousNext
1 2 4 5 6