الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ } * { وَإِذْ أَسَرَّ ٱلنَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ ٱللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَـٰذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْخَبِيرُ } * { إِن تَتُوبَآ إِلَى ٱللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ } * { عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً }

{ وَإِذَ أَسَرَّ ٱلنَّبِىُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوٰجِهِ حَدِيثاً } قال أكثر المفسرين هي حفصة كما سبق، والحديث، هو تحريم مارية، أو العسل، أو تحريم التي وهبت نفسها له، والعامل في الظرف فعل مقدّر، أي واذكر إذ أسرّ. وقال الكلبي أسرّ إليها أن أباك وأبا عائشة يكونان خليفتي على أمتي من بعدي { فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ } أي أخبرت به غيرها { وَأَظْهَرَهُ ٱللَّهُ عَلَيْهِ } أي أطلع الله نبيه على ذلك الواقع منها من الإخبار لغيرها { عَرَّفَ بَعْضَهُ } أي عرّف حفصة بعض ما أخبرت به. قرأ الجمهور { عرّف } مشدّداً من التعريف، وقرأ عليّ، وطلحة بن مصرف، وأبو عبد الرحمٰن السلمي، والحسن، وقتادة، والكسائي بالتخفيف. واختار أبو عبيد، وأبو حاتم القراءة الأولى لقوله { وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ } أي لم يعرّفها إياه، ولو كان مخففاً لقال في ضدّه وأنكر بعضاً { وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ } أي وأعرض عن تعريف بعض ذلك كراهة أن ينتشر في الناس، وقيل الذي أعرض عنه هو حديث مارية. وللمفسرين ها هنا خبط وخلط، وكلّ جماعة منهم ذهبوا إلى تفسير التعريف والإعراض بما يطابق بعض ما ورد في سبب النزول، وسنوضح لك ذلك إن شاء الله { فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ } أي أخبرها بما أفشت من الحديث { قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَـٰذَا } أي من أخبرك به { قَالَ نَبَّأَنِىَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْخَبِيرُ } أي أخبرني الذي لا يخفى عليه خافية. { إِن تَتُوبَا إِلَى ٱللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } الخطاب لعائشة وحفصة، أي إن تتوبا إلى الله فقد وجد منكما ما يوجب التوبة، ومعنى { صَغَتْ } عدلت ومالت عن الحقّ، وهو أنهما أحبتا ما كره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو إفشاء الحديث. وقيل المعنى إن تتوبا إلى الله، فقد مالت قلوبكما إلى التوبة، وقال { قلوبكما } ، ولم يقل " قلباكما " لأن العرب تستكره الجمع بين تثنيتين في لفظ واحد { وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ } أي تتظاهرا، قرأ الجمهور تظاهرا بحذف إحدى التاءين تخفيفاً. وقرأ عكرمة تتظاهرا على الأصل. وقرأ الحسن، وأبو رجاء، ونافع، وعاصم في رواية عنهما تظهر بتشديد الظاء والهاء بدون ألف، والمراد بالتظاهر التعاضد والتعاون، والمعنى وإن تعاضدا وتعاونا في الغيرة عليه منكما وإفشاء سرّه { فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَـٰهُ وَجِبْرِيلُ وَصَـٰلِحُ الْمُؤْمِنِينَ } أي فإن الله يتولى نصره وكذلك جبريل، ومن صلح من عباده المؤمنين، فلن يعدم ناصراً ينصره { وَالْمَلَـئِكَةُ بَعْدَ ذٰلِكَ } أي بعد نصر الله له، ونصر جبريل، وصالح المؤمنين { ظَهِير } أي أعوان يظاهرونه، والملائكة مبتدأ، وخبره ظهير.

PreviousNext
1 3 4 5 6