الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ ٱنتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِياً } * { فَٱتَّخَذَتْ مِن دُونِهِم حِجَاباً فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً } * { قَالَتْ إِنِّيۤ أَعُوذُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً } * { قَالَ إِنَّمَآ أَنَاْ رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاَماً زَكِيّاً } * { قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً } * { قَالَ كَذٰلِكَ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلْنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً } * { فَحَمَلَتْهُ فَٱنْتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً } * { فَأَجَآءَهَا ٱلْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ قَالَتْ يٰلَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَـٰذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً } * { فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَآ أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً } * { وَهُزِّىۤ إِلَيْكِ بِجِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً } * { فَكُلِي وَٱشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ ٱلبَشَرِ أَحَداً فَقُولِيۤ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَـٰنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ ٱلْيَوْمَ إِنسِيّاً }

وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه قال إنما اتخذت النصارى المشرق قبلة، لأن مريم اتخذت من أهلها مكاناً شرقياً، فاتخذوا ميلاده قبلة، وإنما سجدت اليهود على حرف حين نتق فوقهم الجبل، فجعلوا ينحرفون وهم ينظرون إليه، يتخوّفون أن يقع عليهم، فسجدوا سجدة رضيها الله، فاتخذوها سنة. وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الأسماء والصفات، وابن عساكر من طريق السدّي عن أبي مالك عن ابن عباس. وعن مرّة عن ابن مسعود قالا خرجت مريم بنت عمران إلى جانب المحراب لحيض أصابها، فلما طهرت إذا هي برجل معها { فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً } ففزعت و { قَالَتْ إِنّى أَعُوذُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً } فخرجت وعليها جلبابها، فأخذ بكمها فنفخ في جنب درعها، وكان مشقوقاً من قدّامها، فدخلت النفخة صدرها فحملت، فأتتها أختها امرأة زكرياء ليلة تزورها، فلما فتحت لها الباب التزمتها، فقالت امرأة زكريا يا مريم أشعرت أني حبلى، قالت مريم أشعرت أني حبلى، فقالت امرأة زكرياء فإني وجدت ما في بطني سجد للذي في بطنك، فذلك قوله تعالىمُصَدّقاً بِكَلِمَةٍ مّنَ ٱللَّهِ } آل عمران 39. فولدت امرأة زكرياء يحيـى، ولما بلغ أن تضع مريم خرجت إلى جانب المحراب { فَأَجَاءهَا ٱلْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ قَالَتْ يٰلَيْتَنِى مِتُّ قَبْلَ هَـٰذَا } الآية { فَنَادَاهَا } جبريل { مِن تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِي } فلما ولدته ذهب الشيطان فأخبر بني إسرائيل أن مريم ولدت، فلما أرادوها على الكلام أشارت إلى عيسى فتكلم فقَال { إِنّي عَبْدُ ٱللَّهِ ءَاتَانِىَ ٱلْكِتَـٰبَ } الآيات، ولما ولد لم يبق في الأرض صنم إلا خرّ لوجهه. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في مريم قال حين حملت وضعت. وأخرج ابن عساكر عنه قال وضعت لثمانية أشهر. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله { فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا } قال جبريل. وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر عن سعيد بن جبير نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء نحوه أيضاً. وأخرج ابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، والبيهقي في الأسماء والصفات، وابن عساكر عن أبيّ بن كعب في الآية قال تمثل لها روح عيسى في صورة بشر فحملته، قال حملت الذي خاطبها. دخل في فيها. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله { مَكَاناً قَصِيّاً } قال نائياً. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه في قوله { إِلَىٰ جِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ } قال كان جذعاً يابساً. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عنه أيضاً في قوله { وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً } قال لم أخلق ولم أك شيئاً. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة { وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً } قال حيضة ملقاة.

PreviousNext
1 2 3 4 6