الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلَٰمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي ٱلسَّمَآءِ كَذٰلِكَ يَجْعَلُ ٱللَّهُ ٱلرِّجْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ }

وقال سعيد بن جبير يجعل صدره ضيقاً حرجاً، قال لا يجد فيه مسلكاً إلا صعداً. وقال السدي كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِى ٱلسَّمَآءِ من ضيق صدره. وقال عطاء الخراساني { كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِى ٱلسَّمَآءِ } يقول مثله كمثل الذي لا يستطيع أن يصعد إلى السماء، وقال الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس { كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي ٱلسَّمَآءِ } يقول فكما لا يستطيع ابن آدم أن يبلغ السماء، فكذلك لا يستطيع أن يدخل التوحيد والإيمان قلبه، حتى يدخله الله في قلبه، وقال الأوزاعي { كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِى ٱلسَّمَآءِ } كيف يستطيع من جعل الله صدره ضيقاً أن يكون مسلماً؟ وقال الإمام أبو جعفر بن جرير وهذا مثل ضربه الله لقلب هذا الكافر في شدة ضيقه عن وصول الإيمان إليه، يقول فمثله في امتناعه من قبول الإيمان، وضيقه عن وصوله إليه، مثل امتناعه عن الصعود إلى السماء، وعجزه عنه لأنه ليس في وسعه وطاقته، وقال في قوله { كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ ٱللَّهُ ٱلرِّجْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } يقول كما يجعل الله صدر من أراد إضلاله ضيقاً حرجاً، كذلك يسلط الله الشيطان عليه وعلى أمثاله ممن أبى الإيمان بالله ورسوله، فيغويه، ويصده عن سبيل الله، وقال ابن أبي طلحة عن ابن عباس الرجس الشيطان، وقال مجاهد الرجس كل مالا خير فيه، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم الرجس العذاب.

PreviousNext
1 2