وقد ضرب الله سبحانه وتعالى في أول سورة البقرة للمنافقين مثلين نارياً ومائياً وهما قوله { مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ ٱلَّذِى ٱسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّآ أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ } الآية، ثم قال{ أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فِيهِ ظُلُمَـٰتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ } البقرة 19 الآية، وهكذا ضرب للكافرين في سورة النور مثلين أحدهما قوله{ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَعْمَـٰلُهُمْ كَسَرَابٍ } النور 39 الآية، والسراب إنما يكون في شدة الحر، ولهذا جاء في الصحيحين فيقال لليهود يوم القيامة فما تريدون؟ فيقولون أي ربنا عطشنا فاسقنا. فيقال ألا تردون؟ فيردون النار، فإذا هي كسراب يحطم بعضها بعضاً. ثم قال تعالى في المثل الآخر{ أَوْ كَظُلُمَـٰتٍ فِى بَحْرٍ لُّجِّىٍّ } النور 40 الآية، وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم، كمثل غيث أصاب أرضاً، فكان منها طائفة قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس، فشربوا، ورعوا، وسقوا، وزرعوا، وأصابت طائفة منها أخرى، إِنما هي قيعان لا تمسك ماء، ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله، ونفعه الله بما بعثني ونفع به، فعلم وعلَّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به " فهذا مثل مائي. وقال في الحديث الآخر الذي رواه الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " مثلي ومثلكم كمثل رجل استوقد ناراً، فلما أضاءت ما حوله، جعل الفراش وهذه الدواب التي يقعن في النار يقعن فيها، وجعل يحجزهن ويغلبنه، فيقتحمن فيها - قال - فذلكم مثلي ومثلكم، أنا آخذ بحجزكم عن النار هلم عن النار، فتغلبوني، فتقتحمون فيها " وأخرجاه في الصحيحين أيضاً، فهذا مثل ناري.