الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجِبَالُ سُيِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْعِشَارُ عُطِّلَتْ } * { وَإِذَا ٱلْوُحُوشُ حُشِرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ سُجِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتْ } * { وَإِذَا ٱلْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ } * { بِأَىِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ } * { وَإِذَا ٱلصُّحُفُ نُشِرَتْ } * { وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ كُشِطَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجَحِيمُ سُعِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ } * { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ }

وخُوطبت العرب بأمر العِشار لأن ما لها وعيشها أكثره من الإبل. وروَي الضحاك عن ٱبن عباس: عُطِّلت: عَطَّلها أهلها، لاشتغالهم بأنفسهم. وقال الأعشى:
هو الواهِبُ المائةَ المصطفا   ةَ إما مَخاضاً وإما عِشارَا
وقال آخر:
ترى المرءَ مهجوراً إذا قلَّ مالهُ   وبيتُ الغِنى يُهْدَى له ويُزارُ
وما ينفعُ الزوّارَ مالُ مَزُورِهِم   إذا سَرَحَتْ شَوْلٌ له وعِشارُ
يقال: ناقة عُشَراء، وناقتان عُشَراوان، ونوق عِشارٌ وعُشَراوات، يبدلون من همزة التأنيث واواً. وقد عَشَّرت الناقة تعشيراً: أي صارت عُشَراء. وقيل: العِشار: السحاب يُعَطَّل مما يكون فيه وهو الماء فلا يمطر والعرب تشبه السحاب بالحامل. وقيل: الديار تُعَطَّل فلا تُسكن. وقيل: الأرض التي يُعَشَّر زرْعها تعطل فلا تزرع. والأوّل أشهر، وعليه من الناس الأكثر. { وَإِذَا ٱلْوُحُوشُ حُشِرَتْ } أي جمعتْ والحشر: الجمع. عن الحسن وقتادة وغيرهما. وقال ٱبن عباس: حَشْرها: موتها. رواه عنه عِكرمة. وحَشْر كل شيء: الموت غيرَ الجن والإنس، فإنهما يُوافيان يوم القيامة. وعن ٱبن عباس أيضاً قال: يُحْشَر كل شيء حتى الذُّباب. قال ٱبن عباس: تحشر الوحوش غداً: أي تجمع حتى يُقتصَّ لبعضها من بعض، فيقتصَّ للجَمّاء من القَرْناء، ثم يقال لها كوني تراباً فتموت. وهذا أصح مما رواه عنه عِكرمة، وقد بيناه في كتاب «التذكرة» مستوفى، ومضى في سورة «الأنعام» بعضُه. أي إن الوحوش إذا كانت هذه حالها فكيف ببني آدم. وقيل: عُنِي بهذا أنها مع نُفْرتها اليوم من الناس وتنددها في الصحارَى، تنضم غداً إلى الناس من أهوال ذلك اليوم. قال معناه أبيُّ بن كعب. { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ سُجِّرَتْ } أي ملئت من الماء والعرب تقول: سَجَرت الحوضَ أَسَجِّره سَجْرا: إذا ملأته، وهو مسجور، والمسجور والساجر في اللغة: الملآن. وروى الربيع بن خيثم: سُجِّرت: فاضت ومُلئت. وقاله الكلبيّ ومقاتل والحسن والضحاك. قال ٱبن أبي زَمْنين: سُجِّرت: حقيقته مُلِئت، فيفِيض بعضها إلى بعض، فتصير شيئاً واحداً. وهو معنى قول الحسن. وقيل: أرسِل عَذْبها على مالحها، ومالحها على عذبها، حتى ٱمتلأت. عن الضحاك ومجاهد: أي فُجرت فصارت بحراً واحداً. القشيريّ: وذلك بأن يرفع الله الحاجز الذي ذكره في قوله تعالى:بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ } [الرحمن: 20]، فإذا رفع ذلك البرزخ تفجرت مياه البحار، فعمت الأرض كلها، وصارت البحار بحراً واحداً. وقيل: صارت بحراً واحداً من الحميم لأهل النار. وعن الحسن أيضاً وقتادة وٱبن حيان: تيبس فلا يبقى من مائها قطرة. القُشَيْريّ: وهو من سَجَرْت التنور أَسْجُره سَجْرا: إذا أحميته، وإذا سُلّط عليه الإيقاد نشف ما فيه من الرطوبة، وتُسَيَّر الجبال حينئذ، وتصير البحار والأرض كلها بساطاً واحداً، بأن يُمْلأَ مكان البحار بتراب الجبال.

PreviousNext
1 3 4 5 6