الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ }

واعلم أن المراد: أن القوم الذين تولوا يوم أحد عند التقاء الجمعين وفارقوا المكان وانهزموا قد عفا الله عنهم، وفي الآية مسائل: المسألة الأولى: اختلفت الأخبار فيمن ثبت ذلك اليوم وفيمن تولى، فذكر محمد بن اسحاق أن ثلث الناس كانوا مجروحين، وثلثهم انهزموا، وثلثهم ثبتوا، واختلفوا في المنهزمين، فقيل: إن بعضهم ورد المدينة وأخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل، وهو سعد بن عثمان، ثم ورد بعده رجال دخلوا على نسائهم، وجعل النساء يقلن: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرون! وكن يحثين التراب في وجوههم ويقلن: هاك المغزل اغزل به، ومنهم قال: إن المسلمين لم يعدوا الجبل. قال القفال: والذي تدل عليه الأخبار في الجملة أن نفرا منهم تولوا وأبعدوا، فمنهم من دخل المدينة، ومنهم من ذهب الى سائر الجوانب، وأما الأكثرون فإنهم نزلوا عند الجبل واجتمعوا هناك. ومن المنهزمين عمر، الا أنه لم يكن في أوائل المنهزمين ولم يبعد، بل ثبت على الجبل الى أن صعد النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم أيضا عثمان انهزم مع رجلين من الانصار يقال لهما سعد وعقبة، انهزموا حتى بلغوا موضعا بعيدا ثم رجعوا بعد ثلاثة أيام، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم " لقد ذهبتم فيها عريضة " وقالت فاطمة لعلي: ما فعل عثمان؟ فنقصه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " يا علي أعياني أزواج الأخوات أن يتحابوا " وأما الذين ثبتوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم فكانوا أربعة عشر رجلا، سبعة من المهاجرين، وسبعة من الانصار، فمن المهاجرين أبو بكر، وعلي وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيدالله وأبو عبيدة بن الجراح والزبير بن العوام، ومن الانصار الخباب بن المنذر وأبو دجانة وعاصم بن ثابت والحرث بن الصمة وسهل بن حنيف وأسيد بن حضير وسعد بن معاذ، وذكر أن ثمانية من هؤلاء كانوا بايعوه يومئذ على الموت ثلاثة من المهاجرين: علي وطلحة والزبير، وخمسة من الانصار: أبو دجانة والحرث بن الصمة وخباب بن المنذر وعاصم بن ثابت وسهل ابن حنيف، ثم لم يقتل منهم أحد. وروى ابن عيينة أنه أصيب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو من ثلاثين كلهم يجيء ويجثو بين يديه ويقول: وجهي لوجهك الفداء، ونفسي لنفسك الفداء، وعليك السلام غير مودع. المسألة الثانية: قوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ } هذا خطاب للمؤمنين خاصة يعني الذين انهزموا يوم أحد { إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ } أي حملهم على الزلة. وأزل واستزل بمعنى واحد، قال تعالى:فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيْطَـٰنُ عَنْهَا }

السابقالتالي
2 3