الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ } * { ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ } * { وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ } * { وَٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلْمَرْعَىٰ } * { فَجَعَلَهُ غُثَآءً أَحْوَىٰ } * { سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ } * { إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ }

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: { سَبِّحِ اسْم رَبِّكَ الأعْلىَ } فقال بعضهم: معناه: عظِّم ربك الأعلى، لا ربّ أعلى منه وأعظم. وكان بعضهم إذا قرأ ذلك قال: سبحان ربي الأعلى. ذكر من قال ذلك: حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عمر أنه كان يقرأ: { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلىَ }: سبحان ربي الأعلى { الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى } قال: وهي في قراءة أُبيّ بن كعب كذلك. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن السُّديّ، عن عبد خير، قال: سمعت علياً رضي الله عنه قرأ: { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى } فقال: سبحان ربي الأعلى. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن أبي إسحاق الهمْداني، أن ابن عباس كان إذا قرأ: { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى } يقول: سبحان ربي الأعلى، وإذا قرأ:لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ } فأتى على آخرهاألَيْسَ ذَلك بِقادِرٍ عَلى أنْ يُحْيِي المَوْتَى } ؟ يقول: سبحانك اللهمّ وبَلَى. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى } ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأها قال: سبحان ربيَ الأعلَى. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن خارجة، عن داود، عن زياد بن عبد الله، قال: سمعت ابن عباس يقرأ في صلاة المغرب { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى } سبحان ربي الأعلَى. وقال آخرون: بل معنى ذلك: نزّه يا محمد اسم ربك الأعلى، أن تسمي به شيئاً سواه، ينهاه بذلك أن يفعل ما فعل من ذلك المشركون، من تسميتهم آلهتهم بعضَها اللات، وبعضَها العزَّى. وقال غيرهم: بل معنى ذلك: نزّهِ الله عما يقول فيه المشركون كما قال:وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعَونَ مِنْ دُونِ اللّهِ فيَسبُّوا اللّهَ عَدْواً بِغَيرِ عِلْمٍ } وقالوا: معنى ذلك: سبح ربك الأعلى قالوا: وليس الاسم معنياً. وقال آخرون: نزّه تسميتك يا محمد ربك الأعلى وذكرك إياه، أن تذكره إلاَّ وأنت له خاشع متذلل قالوا: وإنما عُنِي بالاسم: التسمية، ولكن وُضع الاسم مكان المصدر. وقال آخرون: معنى قوله: { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى }: صلّ بذكر ربك يا محمد، يعني بذلك: صلّ وأنت له ذاكر، ومنه وَجِل خائف. وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب: قول من قال: معناه: نزّه اسم ربك أن تدعو به الآلهة والأوثان، لما ذكرت من الأخبار، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن الصحابة أنهم كانوا إذا قرأوا ذلك قالوا: سبحان ربيَ الأعلى، فبَيَّن بذلك أن معناه كان عندهم معلوماً: عظم اسم ربك، ونزّهه. وقوله: { الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى } يقول: الذي خلق الأشياء فسوّى خلقها، وعدّلها والتسوية التعديل.

السابقالتالي
2 3