الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا ٱلْوُحُوشُ حُشِرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ سُجِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتْ } * { وَإِذَا ٱلْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ } * { بِأَىِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ } * { وَإِذَا ٱلصُّحُفُ نُشِرَتْ }

وأولى القراءتين في ذلك عندنا بالصواب: قراءة من قرأ ذلك { سُئِلَتْ } بضم السين { بِأيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ } على وجه الخبر، لإجماع الحجة من القرّاء عليه. والموءودة: المدفونة حية، وكذلك كانت العرب تفعل ببناتها ومنه قول الفرزدق بن غالب:
ومِنَّا الَّذي أحْيا الوَئِيدَ وَغائِبٌ   وعَمْرٌو، ومنَّا حامِلونَ وَدافِعُ
يقال: وأده فهو يئده وأداً، ووأدة. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { وَإذَا المَوْءُودَةُ سُئِلَتْ }: هي في بعض القراءات: «سأَلَتْ بأيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ» لا بذنب، كان أهل الجاهلية يقتل أحدهم ابنته، ويغذو كلبه، فعاب الله ذلك عليهم. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: جاء قيس بن عاصم التميميّ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: إني وَأَدت ثماني بنات في الجاهلية، قال: " فأعْتِقْ عَنْ كُلّ وَاحِدَةٍ بَدَنَةً " حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي يَعلى، عن الربيع بن خيثم { وَإذَا المَوْءُودَةُ سُئِلَتْ } قال: كانت العرب من أفعل الناس لذلك. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي يعَلى، عن ربيع بن خيثم بمثله. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { وَإذَا المَوْءُودَةُ سُئِلَتْ } قال: البنات التي كانت طوائف العرب يقتلونهنّ، وقرأ: { بأيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ }. وقوله: { وَإذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ } يقول تعالى ذكره: وإذا صحف أعمال العباد نُشرت لهم، بعد أن كانت مطوية على ما فيها مكتوب، من الحسنات والسيئات. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { وَإذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ } صحيفتك يا بن آدم، تملى ما فيها، ثم تُطَوى، ثم تُنشَر عليك يوم القيامة. واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة { نُشِرَتْ } بتخفيف الشين، وكذلك قرأه أيضاً بعض الكوفيين، وقرأ ذلك بعض قرّاء مكة وعامة قرّاء الكوفة، بتشديد الشين. واعتلّ من اعتلّ منهم لقراءته ذلك كذلك، بقول الله:أنْ يُؤْتَى صُحُفاً مُنَشَّرَةً } ولم يقل منشورة، وإنما حسن التشديد فيه، لأنه خبر عن جماعة، كما يقال: هذه كِباش مُذَبَّحة، ولو أخبر عن الواحد بذلك كانت مخففة، فقيل مذبوحة، فكذلك قوله منشورة.

PreviousNext
1 2 3 4