الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ كِفَاتاً } * { أَحْيَآءً وَأَمْوٰتاً } * { وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّآءً فُرَاتاً } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ }

يقول تعالى ذكره منبهاً عباده على نعمه عليهم: { أَلمْ نَجْعَلِ } أيها الناس { الأرْضَ } لكم { كِفاتاً } يقول: وعاء تقول: هذا كفت هذا وكفيته، إذا كان وعاءه. وإنما معنى الكلام: ألم نجعل الأرض كِفاتَ أحيائكم وأمواتكم، تَكْفِت أحياءكم في المساكن والمنازل، فتضمهم فيها وتجمعهم، وأمواتَكم في بطونها في القبور، فيُدفَنون فيها. وجائز أن يكون عُني بقوله: { كِفاتاً أحْياءاً وأمْوَاتاً } تكفت أذاهم في حال حياتهم، وجيفهم بعد مماتهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: { أَلمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفاتاً } يقول: كِنًّا. حدثنا عبد الحميد بن بيان، قال: أخبرنا خالد، عن مسلم، عن زاذان أبي عمر، عن الربيع بن خيثم، عن عبد الله بن مسعود، أنه وجد قملة في ثوبه، فدفنها في المسجد ثم قال: { أَلمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفاتاً أحْياءً وأمْوَاتاً }. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا أبو معاوية، قال: ثنا مسلم الأعور، عن زاذان، عن ربيع بن خيثم، عن عبد الله، مثله. حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن ليث، قال: قال مجاهد في الذي يرى القملة في ثوبه وهو في المسجد، ولا أدري قال في صلاة أم لا، إن شئت فألقها، وإن شئت فوارها { أَلمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفاتاً أحْياءً وأمْوَاتاً }. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن شريك، عن بيان، عن الشعبيّ { أَلمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفاتاً أحْياءً وأمْوَاتاً } قال: بطنها لأمواتكم، وظهرها لأحيائكم. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهد { أَلمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفاتاً } قال: تكفت أذاهم { أحْياءً } تواريه { وأمْوَاتاً } يدفنون: تكفتهم. وقد: حدثني به ابن حميد مرّة أخرى، فقال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهد { أَلمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفاتاً } قال: تكفت أذاهم وما يخرج منهم { أحْياءً وأمْوَاتاً } قال: تكفتهم في الأحياء والأموات. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد { أَلمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفاتاً أحْياءً وأمْوَاتاً } قال: أحياء يكونون فيها. قال محمد بن عمرو: يغيبون فيها ما أرادوا وقال الحارث: ويغيبون فيها ما أرادوا. وقوله: { أحْياءً وأمْوَاتاً } قال: يدفنون فيها. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { أَلمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفاتاً أحْياءً وأمْوَاتاً } يسكن فيها حيهم، ويدفن فيها ميتهم. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة { أحْياءً وأمْوَاتاً } قال: أحياء فوقها على ظهرها، وأمواتا يُقبرون فيها. واختلف أهل العربية في الذي نصب { أحْياءً وأمْوَاتاً } فقال بعض نحويي البصرة: نصب على الحال.

السابقالتالي
2