الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً } * { إِنَّ نَاشِئَةَ ٱللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً } * { إِنَّ لَكَ فِي ٱلنَّهَارِ سَبْحَاً طَوِيلاً }

وقوله: { وأقْوَمُ قِيلاً } يقول: وأصوب قراءة. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني يحيى بن داود الواسطي، قال: ثنا أبو أُسامة، عن الأعمش، قال: قرأ أنس هذه الآية: { إنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أشَدُّ وَطْئا وأصْوَبُ قِيلاً } ، فقال له بعض القوم: يا أبا حمزة إنما هي { أقْوَمُ قِيلاً } قال: أقوم وأصوب وأهيأ واحد. حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا عبد الحميد الحماني، عن الأعمش قال: قرأ أنس { وأقْوَمُ قِيلاً }: «وأصوب قيلاً» قيل له: يا أبا حمزة إنما هي { وَأقْوَمُ } قال أنس: أصوب وأقوم وأهيأ واحد. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، مثله. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، مثله. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { وأقْوَمُ قِيلاً } يقول: أدنى من أن تفقهوا القرآن. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة { وأقْوَمُ قِيلاً }: أحفظ للقراءة. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { وأقْوَمُ قِيلاً } قال: أقوم قراءة لفراغه من الدنيا. قوله: { إنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: إن لك يا محمد في النهار فراغاً طويلاً تتسع به، وتتقلَّب فيه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس { سَبْحاً طَوِيلاً } فراغاً طويلاً، يعني النوم. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، قوله: { إنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً } قال: متاعاً طويلاً. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله { سَبْحاً طَوِيلاً } قال: فراغاً طويلاً. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { إنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً } قال: لحوائجك، فافرُغ لدينك الليل، قالوا: وهذا حين كانت صلاة الليل فريضة، ثم إن الله منّ على العباد فخفَّفها ووضعها، وقرأ:قُمِ اللَّيْلَ إلاَّ قَليلاً } .. إلى آخر الآية، ثم قال:إنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أنَّكَ تَقُومُ أدْنى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ } حتى بلغ قوله:فاقْرَءُوا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ } الليل نصفه أو ثلثه، ثم جاء أمر أوسع وأفسح، وضع الفريضة عنه وعن أمَّته، فقال: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَة لَكَ عَسَى أنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً. حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول في قوله: { إنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً } فراغاً طويلاً. وكان يحيى بن يعمر يقرأ ذلك بالخاء. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عبد المؤمن، عن غالب الليثي، عن يحيى بن يعمر «من جذيلة قيس» أنه كان يقرأ: «سَبْخا طَوِيلاً» قال: وهو النوم. قال أبو جعفر: والتسبيخ: توسيع القطن والصوف وتنفيشه، يقال للمرأة: سبِّخي قطنك: أي نفشيه ووسعيه ومنه قول الأخطل:
فأرْسَلُوهُنَّ يُذْرِينَ التُّرَابَ كمَا   يُذْرِي سَبائخَ قُطْنٍ نَدْفُ أوْتارِ
وإنما عني بقوله: { إنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً }: إن لك في النهار سعة لقضاء حوائجك وقومك. والسبح والسبخ قريبا المعنى في هذا الموضع.

PreviousNext
1 2 3