الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّآ آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَآءَ فِيمَآ آتَاهُمَا فَتَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }

قال: فسميه عبد الـحرث ففعلت. زاد جرير: فإنـما كان شركة فـي الاسم. حدثنـي موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ، قال: فولدت غلاماً، يعنـي حوّاء، فأتاهما إبلـيس فقال: سموه عبدي وإلاَّ قتلته قال له آدم علـيه السلام: قد أطعتك وأخرجتنـي من الـجنة، فأبى أن يطيعه، فسماه عبد الرحمن، فسلط الله علـيه إبلـيس فقتله. فحملت بآخر فلـما ولدته قال لها: سميه عبدي وإلاَّ قتلته قال له آدم: قد أطعتك فأخرجتنـي من الـجنة. فأبى، فسماه صالـحاً فقتله. فلـما أن كان الثالث، قال لهما: فإذا غُلبتـم فسموه عبد الـحرث وكان اسمَ إبلـيس وإنـما سمي إبلـيس حين أُبلس. ففعلوا، فذلك حين يقول الله: { جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِـيـما آتاهُمَا } يعنـي فـي التسمية. وقال آخرون: بل الـمعنـيّ بذلك رجل وامرأة من أهل الكفر من بنـي آدم جعلا لله شركاء من الآلهة والأوثان حين رزقهما مـا رزقهما من الولد. وقالوا: معنى الكلام: هو الذي خـلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها لـيسكن إلـيها، فلـما تغشاها: أي هذا الرجل الكافر، حملت حملاً خفـيفـاً، فلـما أثقلت دعوتـما الله ربكما. قالوا: وهذا مـما ابتدىء به الكلام علـى وجه الـخطاب، ثم ردّ إلـى الـخبر عن الغائب، كما قـيـل:هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِـي البَرّ والبَحْرِ حتـى إذَا كُنْتُـمْ فِـي الفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ } وقد بـيَّنا نظائر ذلك بشواهده فـيـما مضى قبل. ذكر من قال ذلك. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا سهل بن يوسف، عن عمرو، عن الـحسن: { جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِـيـما آتاهُمَا } قال: كان هذا فـي بعض أهل الـملل، ولـم يكن بآدم. حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: ثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، قال: قال الـحسن: عنـي بهذا ذرية آدم، من أشرك منهم بعده. يعنـي بقوله: { فَلَـمَّا آتاهُمَا صَالِـحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِـيـما آتاهُمَا }. حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: كان الـحسن يقول: هم الـيهود والنصارى، رزقهم الله أولاداً فهوّدوا ونصروا. قال أبو جعفر: وأولـى القولـين بـالصواب قول من قال: عنـي بقوله: { فَلَـمَّا آتاهُمَا صَالِـحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ } فـي الاسم لا فـي العبـادة، وأن الـمعنـيّ بذلك آدم وحوّاء لإجماع الـحجة من أهل التأويـل علـى ذلك. فإن قال قائل: فما أنت قائل إذ كان الأمر علـى ما وصفت فـي تأويـل هذه الآية، وأن الـمعنـيّ بها آدم وحوّاء فـي قوله: { فَتَعالـى اللّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }؟ أهو استنكاف من الله أن يكون له فـي الأسماء شريك أو فـي العبـادة؟ فإن قلت فـي الأسماء دلّ علـى فساده قوله:

PreviousNext
1 2 4