الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ ٱثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ ٱلصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ ٱلزَّكَاةَ وَآمَنتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ }

.. إلـى قوله: { فقدْ ضلَّ سواءَ السَّبِـيـلِ }. وأخذ موسى منهم اثنـي عشر نقـيبـاً اختارهم من الأسبـاط كُفلاء علـى قومهم بـما هم فـيه علـى الوفـاء بعهده وميثاقه، وأخذ من كلّ سبط منهم خيرهم وأوفـاهم رجلاً. يقول الله عزّ وجلّ: { ولَقَدْ أَخَذَ اللّهُ ميثاقَ بَنِـي إسْرائِيـل وبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنـي عَشرَ نَقِـيبـاً } فسار بهم موسى إلـى الأرض الـمقدسة بأمر الله، حتـى إذا نزل التـيه بين مصر والشام، وهي بلاد لـيس فـيها شجر ولا ظلّ، دعا موسى ربه حين آذاهم الـحرّ، فظلَّل علـيهم بـالغمام، ودعا لهم بـالرزق، فأنزل الله علـيهم الـمنّ والسلوى. وأمر الله موسى فقال: أرسل رجالاً يتـجسسون إلـى أرض كنعان التـي وهبت لبنـي إسرائيـل، من كلّ سبط رجلاً. فأرسل موسى الرؤوس كلهم الذين فـيهم، وهذه أسماء الرهط الذين بعث الله من بنـي إسرائيـل إلـى أرض الشام، فـيـما يذكر أهل التوراة لـيجوسوها لبنـي إسرائيـل: من سبط روبـيـل: شامون بن ركون، ومن سبط شمعون سافـاط بن حربـي، ومن سبط يهوذاً كالب بن يوقنا، ومن سبط كاذ ميخائيـل بن يوسف، ومن سبط يوسف وهو سبط إفرائيـم يوشع بن نون، ومن سبط بـينامين فلط بن ذنون، ومن سبط ربـالون كرابـيـل بن سودي، ومن سبط منشا بن يوسف حدي بن سوشا، ومن سبط دان حملائل بن حمل، ومن سبط أشار سابور بن ملكيـل، ومن سبط نفتالـي مـحرّ بن وقسي، ومن سبط يساخر حولايـل بن منكد. فهذه أسماء الذين بعثهم موسى يتـجسسون له الأرض، ويومئذٍ سَمَّى يوشع بن نون: يوشع بن نون، فأرسلهم وقال لهم: ارتفعوا قبل الشمس، فـارقوا الـجبل، وانظروا ما فـي الأرض، وما الشعب الذي يسكنونه، أقوياء هم أم ضعفـاء؟ أقلـيـل هم أم كثـير؟ وانظروا أرضهم التـي يسكنون أشمسة هي أم ذات شجر؟ واحملوا إلـينا من ثمرة تلك الأرض وكان فـي أوّل ما سَمَّى لهم من ذلك ثمرة العنب. حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: { وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَـيْ عَشَرَ نَقِـيبـاً } فهم من بنـي إسرائيـل، بعثهم موسى لـينظروا له إلـى الـمدينة. فـانطلقوا فنظروا إلـى الـمدينة، فجاءوا بجبةٍ من فـاكهتهم وقر رجل، فقالوا: قدروا قوة قوم وبأسهم هذه فـاكهتهم. فعند ذلك فُتنوا، فقالوا: لا نستطيع القتال:فَٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاۤ إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } [المائده: 24]. حُدثت عن الـحسين بن الفرج الـمروزي، قال: سمعت أبـا معاذ الفضل بن خالد يقول فـي قوله: { وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَـيْ عَشَرَ نَقِـيبـاً } أمر الله بنـي إسرائيـل أن يسيروا إلـى الأرض الـمقدّسة مع نبـيهم موسى صلى الله عليه وسلم فلـما كانوا قريبـاً من الـمدينة، قال لهم موسى: ادخـلوها فأبوا وجبنوا، وبعثوا اثنـي عشر نقـيبـاً لـينظروا إلـيهم.

PreviousNext
1 2 4 5 6