الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلاَ تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ ٱلْمُعَذَّبِينَ } * { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } * { وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

، قال: " فضقت بذلك ذَرْعا، وعرفت أنى متـى ما أنادهم بهذا الأمر أَرَ منهم ما أكره، فصمتُّ حتـى جاء جبرائيـل، فقال: يا مـحمد، إنك إلاّ تفعلْ ما تؤمر به يعذّبْك ربك. فـاصنع لنا صاعا من طعام، واجعل علـيه رجل شاة، واملأ لنا عُسًّا من لبن، ثم اجمع لـي بنـي عبد الـمطّلب، حتـى أكلـمَّهم، وأبلغهم ما أمرت به " ، ففعلت ما أمرنـي به، ثم دعوتهم له، وهم يومئذ أربعون رجلاً، يزيدون رجلاً أو ينقصونه، فـيهم أعمامه: أبو طالب، وحمزة، والعبـاس، وأبو لهب فلـما اجتـمعوا إلـيه دعانـي بـالطعام الذي صنعت لهم، فجئت به. فلـما وضعته تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم حِذْية من اللـحم، فشقها بأسنانه، ثم ألقاها فـي نواحي الصَّحفة، قال: " خُذُوا بـاسم الله " ، فأكل القوم حتـى ما لهم بشيء حاجة، وما أرى إلا مواضع أيديهم وَايْـمُ الله الذي نفس علـيّ بـيده إن كان الرجل الواحد لـيأكل ما قدَّمتُ لـجميعهم، ثم قال: " اسْقِ النَّاسَ " ، فجِئْتُهُمْ بذلك العُسِّ، فشربوا حتـى رَوُوا منه جميعاً، وايـمُ الله إن كان الرجل الواحد منهم لـيشرب مثله فلـما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكلـمهم، بَدَرَه أبو لهَب إلـى الكلام، فقال: لَهَدَّ ما سحركم به صاحبكم، فتفرّق القوم ولـم يكلـمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " الغَدَ يا علـيّ، إنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَد سَبَقَنِـي إلـى ما قَدْ سَمِعْتَ مِنَ القَوْلِ، فَتفرّق القوم قبلَ أنْ أُكَلِّـمَهُمْ، فَأعِدَّ لَنا مِنَ الطَّعامِ مِثْلَ الَّذِي صَنَعْتَ، ثُمَّ اجمَعْهُمْ لـي " ، قال: ففعلت ثم جمعتهم، ثم دعانـي بـالطعام، فقرّبته لهم، ففعل كما فعل بـالأمس، فأكلوا حتـى ما لهم بشيء حاجة، قال: " اسْقِهِمْ " ، فجئتهم بذلك العسّ فشربوا حتـى رَوُوا منه جميعاً، ثم تكلـم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " يا بَنِـي عَبْدِ الـمُطلِبِ، إنّـي وَاللَّهِ ما أعْلَـمُ شابـا فِـي العَرَبِ جاءَ قَوْمَهُ بأفْضَلَ مِـمَّا جِئْتُكُمْ بِهِ، إنّـي قَدْ جِئْتُكُمْ بِخَيْرِ الدُّنْـيا والآخِرَةِ، وَقَدْ أمَرَنِـي اللَّهُ أنْ أدْعُوَكُمْ إلَـيْهِ، فَأيُّكُمْ يُؤَازِرُنِـي عَلـى هَذَا الأَمْرِ، عَلـى أنْ يَكُونَ أخِي " وكَذَ وكَذَا؟ قال: فأحجم القوم عنها جميعاً، وقلت وإنـي لأحدَثهم سناً، وأرمصهم عيناً، وأعظمهم بطناً، وأخمشهم ساقاً. أنا يا نبـيّ الله أكونُ وزيرك، فأخذ برقبتـي، ثم قال: " إن هذا أخي " وكذا وكذا، " فـاسمعوا له وأطيعوا " ، قال: فقام القوم يضحكون، ويقولون لأبـي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، قال: ثنـي إسحاق، عن عمرو بن عبـيد، عن الـحسن بن أبـي الـحسن، قال: لـما نزلت هذه الآية علـى رسول الله صلى الله عليه وسلم: { وأنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِـينَ } قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بـالأبطح، ثم قال:

PreviousNext
1 2 3 4 6