الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِي بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِي كَفَرَ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ }

قال أنا أُحْيِي وأُمِيتُ قالَ إِبْرَاهِيمُ فإنَّ اللهَ يأتي بالشَّمسِ مِنَ المَشْرِقِ فأت بِها مِنَ المَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ واللَّهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الظالَمِينَ }. يعنـي تعالـى ذكره بذلك: ألـم تر يا مـحمد إلـى الذي حاجّ إبراهيـم فـي ربه حين قال له إبراهيـم: ربـيَ الذي يحيـي ويـميت، يعنـي بذلك: ربـي الذي بـيده الـحياة والـموت يحيـي من يشاء ويـميت من أراد بعد الإحياء، قال: أنا أفعل ذلك، فأحيـي وأميت، أستـحيـي من أردت قتله، فلا أقتله، فـيكون ذلك منـي إحياء له. وذلك عند العرب يسمى إحياء، كما قال تعالـى ذكره:وَمَنْ أَحْيَـٰهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً } [المائدة: 32] وأقتل آخر فـيكون ذلك منـي إماتة له. قال إبراهيـم صلى الله عليه وسلم: فإن الله الذي هو ربـي يأتـي بـالشمس من مشرقها، فأت بها إن كنت صادقا أنك إله من مغربهاٰ قال الله تعالـى ذكره: { فَبُهِتَ ٱلَّذِى كَفَرَ } يعنـي انقطع وبطلت حجته، يقال منه: بُهت يُبْهَتُ بَهْتاً، وقد حكي عن بعض العرب أنها تقول بهذا الـمعنى: بَهِتَ، ويقال: بَهَتُّ الرجل إذا افتريت علـيه كذبـاً بَهْتاً وَبُهْتاناً وبَهَاتةً. وقد روي عن بعض القرءة أنه قرأ: «فَبَهَتَ الَّذِي كَفَرَ» بـمعنى: فبهت إبراهيـم الذي كفر. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة فـي قوله: { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِى حَاجَّ إِبْرٰهِيمَ فِى رِبّهِ أَنْ آتَـٰهُ ٱللَّهُ } وذكر لنا أنه دعا برجلـين، فقتل أحدهما، واستـحيا الآخر، فقال: أنا أحيـي هذا، أنا أستـحيـي من شئت، وأقتل من شئت، قال إبراهيـم عند ذلك: { فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِى بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِى كَفَرَ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ }. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قال: أنا أحيـي وأميت: أقتل من شئت، وأستـحيـي من شئت، أدعه حياً فلا أقتله. وقال: ملك الأرض مشرقها ومغربها أربعة نفر: مؤمنان، وكافران، فـالـمؤمنان: سلـيـمان بن داود، وذو القرنـين والكافران: بختنصر ونـمروذ بن كنعان، لـم يـملكها غيرهم. حدثنا الـحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن زيد بن أسلـم: أول جبـار كان فـي الأرض نـمروذ، فكان الناس يخرجون فـيـمتارون من عنده الطعام، فخرج إبراهيـم يـمتار مع من يـمتار، فإذا مرّ به ناس قال: من ربكم؟ قالوا: أنت. حتـى مرّ إبراهيـم، قال: من ربك؟ قال: الذي يحيـي ويـميت، قال: أنا أحيـي وأميت، { قَالَ إِبْرٰهِيمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِى بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِى كَفَرَ } قال: فردّه بغير طعام. قال: فرجع إبراهيـم علـى أهله فمرّ علـى كثـيب من رمل أعفر، فقال: ألا آخذ من هذا فآتـي به أهلـي فتطيب أنفسهم حين أدخـل علـيهم؟ فأخذ منه فأتـى أهله، قال: فوضع متاعه ثم نام، فقامت امرأته إلـى متاعه، ففتـحته، فإذا هي بأجود طعام رأته، فصنعت له منه، فقرّبته إلـيه.

PreviousNext
1 3 4 5