قال أنا أُحْيِي وأُمِيتُ قالَ إِبْرَاهِيمُ فإنَّ اللهَ يأتي بالشَّمسِ مِنَ المَشْرِقِ فأت بِها مِنَ المَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ واللَّهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الظالَمِينَ }. يعنـي تعالـى ذكره بذلك: ألـم تر يا مـحمد إلـى الذي حاجّ إبراهيـم فـي ربه حين قال له إبراهيـم: ربـيَ الذي يحيـي ويـميت، يعنـي بذلك: ربـي الذي بـيده الـحياة والـموت يحيـي من يشاء ويـميت من أراد بعد الإحياء، قال: أنا أفعل ذلك، فأحيـي وأميت، أستـحيـي من أردت قتله، فلا أقتله، فـيكون ذلك منـي إحياء له. وذلك عند العرب يسمى إحياء، كما قال تعالـى ذكره:{ وَمَنْ أَحْيَـٰهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً } [المائدة: 32] وأقتل آخر فـيكون ذلك منـي إماتة له. قال إبراهيـم صلى الله عليه وسلم: فإن الله الذي هو ربـي يأتـي بـالشمس من مشرقها، فأت بها إن كنت صادقا أنك إله من مغربهاٰ قال الله تعالـى ذكره: { فَبُهِتَ ٱلَّذِى كَفَرَ } يعنـي انقطع وبطلت حجته، يقال منه: بُهت يُبْهَتُ بَهْتاً، وقد حكي عن بعض العرب أنها تقول بهذا الـمعنى: بَهِتَ، ويقال: بَهَتُّ الرجل إذا افتريت علـيه كذبـاً بَهْتاً وَبُهْتاناً وبَهَاتةً. وقد روي عن بعض القرءة أنه قرأ: «فَبَهَتَ الَّذِي كَفَرَ» بـمعنى: فبهت إبراهيـم الذي كفر. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة فـي قوله: { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِى حَاجَّ إِبْرٰهِيمَ فِى رِبّهِ أَنْ آتَـٰهُ ٱللَّهُ } وذكر لنا أنه دعا برجلـين، فقتل أحدهما، واستـحيا الآخر، فقال: أنا أحيـي هذا، أنا أستـحيـي من شئت، وأقتل من شئت، قال إبراهيـم عند ذلك: { فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِى بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِى كَفَرَ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ }. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قال: أنا أحيـي وأميت: أقتل من شئت، وأستـحيـي من شئت، أدعه حياً فلا أقتله. وقال: ملك الأرض مشرقها ومغربها أربعة نفر: مؤمنان، وكافران، فـالـمؤمنان: سلـيـمان بن داود، وذو القرنـين والكافران: بختنصر ونـمروذ بن كنعان، لـم يـملكها غيرهم. حدثنا الـحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن زيد بن أسلـم: أول جبـار كان فـي الأرض نـمروذ، فكان الناس يخرجون فـيـمتارون من عنده الطعام، فخرج إبراهيـم يـمتار مع من يـمتار، فإذا مرّ به ناس قال: من ربكم؟ قالوا: أنت. حتـى مرّ إبراهيـم، قال: من ربك؟ قال: الذي يحيـي ويـميت، قال: أنا أحيـي وأميت، { قَالَ إِبْرٰهِيمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِى بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِى كَفَرَ } قال: فردّه بغير طعام. قال: فرجع إبراهيـم علـى أهله فمرّ علـى كثـيب من رمل أعفر، فقال: ألا آخذ من هذا فآتـي به أهلـي فتطيب أنفسهم حين أدخـل علـيهم؟ فأخذ منه فأتـى أهله، قال: فوضع متاعه ثم نام، فقامت امرأته إلـى متاعه، ففتـحته، فإذا هي بأجود طعام رأته، فصنعت له منه، فقرّبته إلـيه.