الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنْكِحُواْ ٱلْمُشِرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَى ٱلْجَنَّةِ وَٱلْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }

وإنـما كره عمر لطلـحة وحذيفة رحمة الله علـيهم نكاح الـيهودية والنصرانـية، حذراً من أن يقتدي بهما الناس فـي ذلك فـيزهدوا فـي الـمسلـمات، أو لغير ذلك من الـمعانـي، فأمرهما بتـخـلـيتهما. كما: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن إدريس، قال: ثنا الصلت بن بهرام، عن شقـيق، قال: تزوّج حذيفة يهودية، فكتب إلـيه عمر: خَـلِّ سبـيـلها، فكتب إلـيه: أتزعم أنها حرام فأخـلـي سبـيـلها؟ فقال: لا أزعم أنها حرام، ولكن أخاف أن تعاطوا الـمؤمنات منهن. وقد حدثنا تـميـم بن الـمنتصر، قال: أخبرنا إسحاق الأزرق، عن شريك، عن أشعث بن سوار، عن الـحسن، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نَتَزَوَّجُ نِساءَ أهْلِ الْكِتابِ وَلا يَتَزَوَّجُونَ نِسَاءنَا " فهذا الـخبر وإن كان فـي إسناده ما فـيه، فـالقول به لإجماع الـجميع علـى صحة القول به أولـى من خبر عبد الـحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب. فمعنى الكلام إذا: ولا تنكحوا أيها الـمؤمنون مشركات غير أهل الكتاب حتـى يؤمنّ، فـيصدّقن بـالله ورسوله، وما أنزل علـيه. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْركَةٍ }. يعنـي تعالـى ذكره بقوله: { ولأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ } بـالله وبرسوله، وبـما جاء به من عند الله خير عند الله، وأفضل من حرّة مشركة كافرة وإن شرف نسبها وكرم أصلها. يقول: ولا تبتغوا الـمناكح فـي ذوات الشرف من أهل الشرك بـالله، فإن الإماء الـمسلـمات عند الله خير منكحاً منهن. وقد ذكر أن هذه الآية نزلت فـي رجل نكح أمة، فعذل فـي ذلك وعرضت علـيه حرّة مشركة.ذكر من قال ذلك: حدثنـي موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسبـاط، عن السدي: { وَلا تَنْكِحُوا الـمُشْركاتِ حَّتـى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْركَةٍ وَلَوْ أعْجَبَتْكُمْ } قال: نزلت فـي عبد الله بن رواحة، وكانت له أمة سوداء، وأنه غضب علـيها فلطمها ثم فزع، فأتـى النبـيّ صلى الله عليه وسلم فأخبره بخبرها، فقال له النبـيّ صلى الله عليه وسلم: " ما هيَ يا عَبْدَ اللَّهِ " قال: يا رسول الله هي تصوم وتصلـي وتـحسن الوضوء، وتشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله. فقال: " هَذِهِ مُؤْمِنَةٌ " فقال عبد الله: فوالذي بعثك بـالـحق لأعتقنها ولأتزوجنها ففعل، فطعن علـيه ناس من الـمسلـمين، فقالوا: تزوّج أمة. وكانوا يريدون أن ينكحوا إلـى الـمشركين، ويُنكحوهم رغبة فـي أحسابهم.

PreviousNext
1 2 4 5