الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ }

إِنَّ فِى ذٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى ٱلسَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } قۤ 37. قوله { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلْكَـٰفِرِينَ }. جملة متضمنة لتعليل ما سبق من العصمة أي إن الله لا يجعل لهم سبيلاً إلى الإضرار بك، فلا تخف وبلغ ما أمرت بتبليغه. وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن مجاهد قال لما نزلت { بَلّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبّكَ } قال " يا رب إنما أنا واحد كيف أصنع؟ يجتمع عليّ الناس " ، فنزلت { وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ }. وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن الله بعثني برسالته فضقت بها ذرعاً وعرفت أن الناس مكذبيّ، فوعدني لأبلغن أو ليعذبني، فأنزلت { يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبّكَ } " وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله { وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ } يعني إن كتمت آية مما أنزل إليك لم تبلغ رسالته. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن عساكر، عن أبي سعيد الخدري قال نزلت هذه الآية { يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ } على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خمّ، في عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه. وأخرج ابن مردويه، عن ابن مسعود قال كنا نقرأ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم «يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك إن عليا مولى المؤمنين وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس». وأخرج ابن ابن أبي حاتم، عن عنترة، قال كنت عند ابن عباس فجاءه رجل فقال إن ناساً يأتونا فيخبرونا أن عندكم شيئاً لم يبده رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس، فقال ألم تعلم أنّ الله قال { يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبّكَ } والله ما ورّثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سوداء في بيضاء. وأخرج ابن مردويه، والضياء في المختارة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أيّ آية أنزلت من السماء أشدّ عليك؟ فقال " كنت بمنى أيام موسم الحج، فاجتمع مشركو العرب وأفناء الناس في الموسم، فأنزل عليّ جبريل " فقال { يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ } الآية، قال " فقمت عند العقبة فناديت يا أيها الناس من ينصرني على أن أبلغ رسالة ربي وله الجنة، أيها الناس قولوا لا إله إلا الله وأنا رسول الله إليكم، تفلحوا وتنجحوا ولكم الجنة "

PreviousNext
1 3