الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }

وقد أخرج ابن أبي حاتم، والحاكم في الكنى، وابن عدي، وابن عساكر، عن ابن عباس، قال كان مما ينزل على النبيّ صلى الله عليه وسلم الوحي بالليل، وينساه بالنهار، فأنزل الله { مَا نَنسَخْ مِنْ ءَايَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا } وفي إسناده الحجاج الرَّقِّي ينظر فيه. وأخرج الطبراني، عن ابن عمر، قال «قرأ رجلان من الأنصار سورة أقرأهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانا يقرآن بها، فقاما يقرآن ذات ليلة يصليان، فلم يقدرا منها على حرف، فأصبحا غاديين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال " إنها مما نسخ، أو نسي، فالهوا عنها " وفي إسناده سليمان بن أرقم، وهو ضعيف. وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس، في قوله " مَا نَنسَخْ مِنْ ءايَةٍ أَوْ ننسأها " يقول ما نبدل من آية، أو نتركها لا نبدلها { نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا } يقول خير لكم في المنفعة، وأرفق بكم. وأخرج ابن أبي حاتم، عنه أنه قال ننسأها نؤخرها. وأخرج أبو داود في ناسخه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن مسعود في قوله { مَا نَنسَخْ مِنْ ءايَةٍ } قال نثبت خطها ونبدل حكمها " أَوْ ننساها " قال نؤخرها. وأخرج عبد بن حميد، وأبو داود في ناسخه، وابن جرير، عن قتادة في قوله { نَأْتِ بِخَيْرٍ مّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا } يقول فيها تخفيف فيها رخصة فيها أمر، فيها نهي. وأخرج أبو داود في ناسخه، وابن المنذر، وابن الأنباري في المصاحف، وأبو ذرّ الهروى في فضائله، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف «أن رجلاً كانت معه سورة، فقام من الليل فقام بها، فلم يقدر عليها، وقام آخر يقرأ بها، فلم يقدر عليها، وقام آخر، فلم يقدر عليها، فأصبحوا، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجتمعوا عنده، فأخبروه، فقال " إنها نسخت البارحة " وقد روى نحوه عنه من وجه آخر. وقد ثبت في البخاري، وغيره عن أنس، أن الله أنزل في الذين قتلوا في بئر معونة «أن بلغوا قومنا أن قد لقينا ربنا فرضى عنا، وأرضانا» ثم نسخ، وهكذا ثبت في مسلم، وغيره عن أبي موسى قال كنا نقرأ سورة نشبهها في الطول، والشدّة ببراءة، فأنسيتُها، غير أني حفظت منها «لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى وادياً ثالثاً، ولا يملأ جوفه إلا التراب» وكنا نقرأ سورة نشبهها بإحدى المسبحات، أوّلهاسَبَّحَ للَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ } الحديد 1، الحشر 1، الصف 1 فأنسيناها، غير أني حفظت منها «يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألوا عنها يوم القيامة» وقد روى مثل هذا من طريق جماعة من الصحابة، ومنه آية الرجم كما رواه عبد الرزاق، وأحمد، وابن حبان، عن عمر.

PreviousNext
1 2