الرئيسية - التفاسير


* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ } * { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } * { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } * { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } * { ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } * { صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ }

بَيْن يَدَي السُّورَة: هذه السورة الكريمة مكية وآياتها سبعٌ بالإِجماع، وتسمى " الفاتحة " لافتتاح الكتاب العزيز بها حيث إِنها أول القرآن في الترتيب لا في النزول، وهي - على قصرها ووجازتها - قد حوت معاني القرآن العظيم، واشتملت على مقاصده الأساسية بالإِجمال، فهي تتناول أصول الدين وفروعه، تتناول العقيدة، والعبادة، والتشريع، والاعتقاد باليوم الآخر، والإِيمان بصفات الله الحسنى، وإِفراده بالعبادة والاستعانة والدعاء، والتوجه إِليه جلَّ وعلا بطلب الهداية إِلى الدين الحق والصراط المستقيم، والتضرع إِليه بالتثبيت على الإِيمان ونهج سبيل الصالحين، وتجنب طريق المغضوب عليهم والضالين، وفيها الاخبار عن قصص الأمم السابقين، والاطلاع على معارج السعداء ومنازل الأشقياء، وفيها التعبد بأمر الله سبحانه ونهيه، إِلى غير ما هنالك من مقاصد وأغراض وأهداف، فهي كالأم بالنسبة لبقية السور الكريمة ولهذا تسمّى " أم الكتاب " لأنها جمعت مقاصده الأساسية.

فضْلهَا: أ - روى الإِمام أحمد في المسند أن " أبيَّ بن كعب " قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم أم القرآن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والذي نفسي بيده ما أُنزل في التوراة ولا في الإِنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها، هي السبعُ المثاني والقرآنُ العظيمُ الذي أوتيتُه " فهذا الحديث الشريف يشير إلى قوله تعالى في سورة الحجروَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ ٱلْمَثَانِي وَٱلْقُرْآنَ ٱلْعَظِيمَ } [الآية: 87].

ب - وفي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي سعيد بن المعلَّى: " لأعلمنَّك سورة هي أعظم السور في القرآن: الحمد لله رب العالمين، هي السبعُ المثاني والقُرآن العظيم الذي أوتيتُه ".

التسمِيَة: تسمى " الفاتحة، وأم الكتاب، والسبع المثاني، والشافية، والوافية، والكافية، والأساس، والحمد " وقد عدّدها العلامة القرطبي وذكر أن لهذه السورة اثني عشر إسماً.

اللغَة: { ٱلْحَمْدُ } الثناء بالجميل على جهة التعظيم، والتبجيل مقروناً بالمحبة وهو نقيض الذم وأعمُّ من الشكر، لأن الشكر يكون مقابل النعمة بخلاف الحمد { الله } اسم علم للذات المقدسة لا يشاركه فيه غيره، قال القرطبي: هذا الاسم { الله } أكبر أسمائه سبحانه وأجمعها، وهو اسم للموجود الحق، الجامع لصفات الإِلهية، المنعوت بنعوت الربوبية، المنفرد بالوجود الحقيقي لا إِله إِلا هو سبحانه { رَبِّ } الربّ: مشتق من التربية وهي إِصلاح شئون الغير ورعاية أمره قال الهروي: " يقال لمن قام بإِصلاح شيء وإِتمامه: قد ربَّه ومنه الربانيون لقيامهم بالكتب " والربُّ يطلق على عدة معان وهي " المالك، والمصلح، والمعبود، والسيد المطاع " { ٱلْعَالَمِينَ } العالم: اسم جنس لا واحد له من لفظه كالرهط، وهو يشمل: الإِنس والجن والملائكة والشياطين كذا قال الفراء، وهو مشتق من العلامة لأن العالم علامة على وجود الخالق جل وعلا { ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } صفتان مشتقتان من الرحمة، وقد روعي في كلٍ من { ٱلرَّحْمـٰنِ } و { ٱلرَّحِيمِ } معنى لم يراع في الآخر فالرحمن بمعنى عظيم الرحمة لأن " فَعْلان " صيغة مبالغة في كثرة الشيء وعظمته ولا يلزم منه الدوام كغضبان وسكران، والرحيم بمعنى دائم الرحمة لأن صيغة فعيل تستعمل في الصفات الدائمة ككريم وظريف فكأنه قيل: العظيم الرحمة الدائم الإِحسان.

السابقالتالي
2 3 4