قوله: { ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي }: في رفعهما وجهان: مذهب سيبويه أنَّه مبتدأٌ، وخبرُه محذوفٌ أي: فيما يُتْلَى عليكم حكمُ الزانية. ثم بَيَّن ذلك بقوله: { فَٱجْلِدُواْ } إلى آخره. والثاني وهو مذهبُ الأخفش وغيرِه: أنه مبتدأٌ. والخبرُ جملة الأمر. ودخلت الفاءُ لشِبْه المبتدأ بالشرط. وقد تقدَّم الكلامُ على هذه المسألةِ مستوفىً عند قولِه{ وَٱللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا } [النساء: 16] وعند قولِه{ وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ } [المائدة: 38] فأغنى عن إعادتِه. وقرأ عيسىٰ الثقفي ويحيى بن يعمر وعمرو بن فائد وأبو جعفر وشيبة ورُوَيْس بالنصبِ على الاشتغال. قال الزمخشري: " وهو أحسنُ مِنْ " سورةً أنزلناها " لأجلِ الأمر. وقُرِىء " واللذَّانِ " بلا ياءٍ. قوله: { رَأْفَةٌ } قرأ العامَّةُ هنا، وفي الحديد، بسكون الهمزة، وابنُ كثير بفتحها. وقرأ ابن جُرَيْج ـ وتُروى أيضاً عن ابن كثير وعاصم ـ " رَآفة " بألفٍ بعد الهمزة بزنةِ سَحابة، وكلُها مصادِرُ لـ رَأَفَ به يَرْؤُف. وقد تقدَّم معناه. وأشهرُ المصادرِ الأولُ. ونقل أبو البقاء فيها لغةً رابعةً: وهي إبدالُ الهمزةِ ألفاً. ومثلُ هذا ظاهرٌ غيرُ محتاجٍ للتنبيهِ عليه فإنها لغةٌ مستقلةٌ وقراءةٌ متواترة. وقرأ العامَّةُ " تَأْخُذْكم " بالتأنيثِ مراعاةً للَّفظِ. وعلي بن أبي طالب والسُّلمي ومجاهد بالياء مِنْ تحتُ؛ لأنَّ التأنيثَ مجازيٌّ وللفصلِ بالمفعولِ والجارِّ. و " بهما " متعلقٌ بـ " تَأْخُذْكم " أو بمحذوفٍ على سبيل البيانِ. ولا يتعلَّقُ بـ " رَأْفة " لأنَّ المصدرَ لا يتقدَّم عليه معمولُه، وفي " دين الله " متعلقٌ بالفعلِ قبله أيضاً. وهذه الجملةُ دالَّةٌ على جوابِ الشرطِ بعدَها، أو هي الجوابُ عند بعضِهم.