الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْمُرْسَلاَتِ عُرْفاً } * { فَٱلْعَاصِفَاتِ عَصْفاً } * { وٱلنَّاشِرَاتِ نَشْراً } * { فَٱلْفَارِقَاتِ فَرْقاً } * { فَٱلْمُلْقِيَٰتِ ذِكْراً } * { عُذْراً أَوْ نُذْراً } * { إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَٰقِعٌ } * { فَإِذَا ٱلنُّجُومُ طُمِسَتْ } * { وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ فُرِجَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجِبَالُ نُسِفَتْ } * { وَإِذَا ٱلرُّسُلُ أُقِّتَتْ } * { لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ } * { لِيَوْمِ ٱلْفَصْلِ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ }

قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي، حدثنا زكريا بن سهل المروزي، حدثنا علي بن الحسن بن شقيق، أخبرنا الحسين بن واقد، حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة { وَٱلْمُرْسَلَـٰتِ عُرْفاً } قال الملائكة، وروي عن مسروق وأبي الضحى ومجاهد في إحدى الروايات، والسدي والربيع بن أنس مثل ذلك، وروي عن أبي صالح أنه قال هي الرسل، وفي رواية عنه أنها الملائكة، وهكذا قال أبو صالح في العاصفات، والناشرات، والفارقات، والملقيات، أنها الملائكة. وقال الثوري عن سلمة بن كهيل عن مسلم البطين عن أبي العبيدين قال سألت ابن مسعود عن المرسلات عرفاً، قال الريح، وكذا قال في { فَٱلْعَـٰصِفَـٰتِ عَصْفاً وٱلنَّـٰشِرَٰتِ نَشْراً } إنها الريح، وكذا قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وأبو صالح في رواية عنه، وتوقف ابن جرير في { وَٱلْمُرْسَلَـٰتِ عُرْفاً } هل هي الملائكة إذا أرسلت بالعرف، أو كعرف الفرس يتبع بعضهم بعضاً، أو هي الرياح إذا هبت شيئاً فشيئاً؟ وقطع بأن العاصفات عصفاً الرياح كما قاله ابن مسعود ومن تابعه، وممن قال ذلك في العاصفات عصفاً أيضاً علي بن أبي طالب والسدي، وتوقف في الناشرات نشراً، هل هي الملائكة، أو الريح؟ كما تقدم. وعن أبي صالح أن الناشرات نشراً هي المطر، والأظهر أن المرسلات هي الرياح كما قال تعالىوَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ لَوَاقِحَ } الحجر 22 وقال تعالىوَهُوَ ٱلَّذِى يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْرىً بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ } الأعراف 57 وهكذا العاصفات هي الرياح، يقال عصفت الرياح، إذا هبت بتصويت، وكذا الناشرات هي الرياح التي تنشر السحاب في آفاق السماء كما يشاء الرب عز وجل. وقوله تعالى { فَٱلْفَـٰرِقَـٰتِ فَرْقاً فَٱلْمُلْقِيَـٰتِ ذِكْراً عُذْراً أَوْ نُذْراً } يعني الملائكة. قاله ابن مسعود وابن عباس ومسروق ومجاهد وقتادة والربيع بن أنس والسدي والثوري، ولا خلاف ههنا فإنها تنزل بأمر الله على الرسل، تفرق بين الحق والباطل، والهدى والغي، والحلال والحرام، وتلقي إلى الرسل وحياً فيه إعذار إلى الخلق، وإنذار لهم عقاب الله إن خالفوا أمره. وقوله تعالى { إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَٰقِعٌ } هذا هو المقسم عليه بهذه الأقسام، أي ما وعدتم به من قيام الساعة، والنفخ في الصور، وبعث الأجساد، وجمع الأولين والآخرين في صعيد واحد، ومجازاة كل عامل بعمله، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، إن هذا كله لواقع، أي لكائن لامحالة. ثم قال تعالى { فَإِذَا ٱلنُّجُومُ طُمِسَتْ } أي ذهب ضوءُها كقوله تعالىوَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتْ } التكوير 2 وكقوله تعالىوَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ } الانفطار 2 { وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ فُرِجَتْ } أي انفطرت وانشقت، وتدلت أرجاؤها، ووهت أطرافها. { وَإِذَا ٱلْجِبَالُ نُسِفَتْ } أي ذهب بها، فلا يبقى لها عين ولا أثر كقوله تعالى

السابقالتالي
2