الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَـٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } * { وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ ٱللَّهِ وَلَقدْ جَآءَكَ مِن نَّبَإِ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِن ٱسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي ٱلأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي ٱلسَّمَآءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى ٱلْهُدَىٰ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْجَٰهِلِينَ } * { إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَٱلْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ }

وروى ابن جرير من طريق أسباط عن السدي في قوله { قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ ٱلَّذِى يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَـٰكِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ بِـآيَـٰتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } لما كان يوم بدر، قال الأخنس بن شريق لبني زهرة يا بني زهرة إن محمداً ابن أختكم، فأنتم أحق من ذب عن ابن أخته، فإنه إن كان نبياً، لم تقاتلوه اليوم، وإن كان كاذباً، كنتم أحق من كف عن ابن أخته، قفوا حتى ألقى أبا الحكم، فإن غلب محمد، رجعتم سالمين، وإن غلب محمد، فإن قومكم لم يصنعوا بكم شيئاً - فيومئذ سمي الأخنس، وكان اسمه " أبيّ " - فالتقى الأخنس وأبو جهل، فخلا الأخنس بأبي جهل، فقال يا أبا الحكم أخبرني عن محمد، أصادق هو أم كاذب؟ فإنه ليس هاهنا من قريش غيري وغيرك يستمع كلامنا؟ فقال أبو جهل ويحك والله إن محمداً لصادق، وما كذب محمد قط، ولكن إذا ذهبت بنو قصي باللواء والسقاية والحجابة والنبوة، فماذا يكون لسائر قريش؟ فذلك قوله { فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَـٰكِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } فآيات الله محمد صلى الله عليه وسلم. وقوله { وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّىٰ أَتَـٰهُمْ نَصْرُنَا } هذه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم وتعزية له فيمن كذبه من قومه، وأمر له بالصبر كما صبر أولو العزم من الرسل، ووعد له بالنصر كما نصروا، وبالظفر حتى كانت لهم العاقبة، بعد ما نالهم من التكذيب من قومهم والأذى البليغ، ثم جاءهم النصر في الدنيا كما لهم النصر في الآخرة، ولهذا قال { وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَـٰتِ ٱللَّهِ } أي التي كتبها بالنصر في الدنيا والآخرة لعباده المؤمنين كما قالوَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَـٰلِبُونَ } الصافات 171 - 173 وقال تعالىكَتَبَ ٱللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِيۤ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } المجادلة 21 وقوله { وَلَقدْ جَآءَكَ مِن نَّبَإِ ٱلْمُرْسَلِينَ } أي من خبرهم، كيف نصروا وأيدوا على من كذبهم من قومهم، فلك فيهم أسوة، وبهم قدوة. ثم قال تعالى { وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ } أي إن كان شق عليك إعراضهم عنك { فَإِن ٱسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي ٱلأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي ٱلسَّمَآءِ } قال علي ابن أبي طلحة، عن ابن عباس النفق السرب، فتذهب فيه، فتأتيهم بآية، أو تجعل لك سلماً في السماء، فتصعد فيه، فتأتيهم بآية أفضل مما آتيتهم به، فافعل، وكذا قال قتادة والسدي وغيرهما.

PreviousNext
1 3