الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُّعْرِضُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَـاةِ فَاعِلُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ } * { إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } * { فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْوَارِثُونَ } * { ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

" حبب إليّ الطيب والنساء، وجعلت قرة عيني في الصلاة ". وقال الإمام أحمد حدثنا وكيع، حدثنا مسعر عن عمرو بن مرة عن سالم بن أبي الجعد عن رجل من أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " يا بلال أرحنا بالصلاة " وقال الإمام أحمد أيضاً حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا إسرائيل عن عثمان بن المغيرة عن سالم بن أبي الجعد أن محمد بن الحنفية قال دخلت مع أبي على صهر لنا من الأنصار، فحضرت الصلاة، فقال يا جارية ائتيني بوضوء لعلي أصلي فأستريح، فرآنا أنكرنا عليه ذلك، فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " قم يا بلال فأرحنا بالصلاة ". وقوله { وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُّعْرِضُونَ } أي عن الباطل، وهو يشمل الشرك كما قاله بعضهم، والمعاصي كما قاله آخرون، وما لا فائدة فيه من الأقوال والأفعال كما قال تعالىوَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّواْ كِراماً } الفرقان 72 قال قتادة أتاهم والله من أمر الله ما وقفهم عن ذلك. وقوله { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَـوٰةِ فَـٰعِلُونَ } الأكثرون على أن المراد بالزكاة ههنا زكاة الأموال، مع أن هذه الآية مكية، وإنما فرضت الزكاة بالمدينة في سنة اثنتين من الهجرة، والظاهر أن التي فرضت بالمدينة إنما هي ذات النصب والمقادير الخاصة، وإلا فالظاهر أن أصل الزكاة كان واجباً بمكة، كما قال تعالى في سورة الأنعام، وهي مكيةوَءَاتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } الأنعام 141 وقد يحتمل أن يكون المراد بالزكاة ههنا زكاة النفس من الشرك والدنس كقولهقَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّـٰهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّٰهَا } الشمس 9 ــــ 10 وكقولهوَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ } فصلت 6 ــــ 7 على أحد القولين في تفسيرهما، وقد يحتمل أن يكون كلا الأمرين مراداً، وهو زكاة النفوس وزكاة الأموال، فإنه من جملة زكاة النفوس، والمؤمن الكامل هو الذي يفعل هذا وهذا، والله أعلم. وقوله { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَـٰفِظُونَ إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَٰجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ } أي والذين قد حفظوا فروجهم من الحرام، فلا يقعون فيما نهاهم الله عنه من زنى ولواط، لا يقربون سوى أزواجهم التي أحلها الله لهم، أو ما ملكت أيمانهم من السراري، ومن تعاطى ما أحله الله له، فلا لوم عليه ولا حرج، ولهذا قال { فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذٰلِكَ } أي غير الأزواج والإماء { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ } أي المعتدون. وقال ابن جرير حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا سعيد عن قتادة أن امرأة اتخذت مملوكها، وقالت تأولت آية من كتاب الله { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُهُمْ } فأتى بها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقال له ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تأولت آية من كتاب الله عز وجل على غير وجهها، قال فغرب العبد وجز رأسه، وقال أنت بعده حرام على كل مسلم، هذا أثر غريب منقطع، ذكره ابن جرير في تفسير أول سورة المائدة، وهو ههنا أليق، وإنما حرمها على الرجال معاملة لها بنقيض قصدها، والله أعلم.

PreviousNext
1 2 4 5