الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } * { وَرَأَيْتَ ٱلنَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفْوَاجاً } * { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَٱسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً }

" جاء الفتح ونصر الله، وجاء أهل اليمن " فقال رجل يا رسول الله وما أهل اليمن؟ قال " قوم رقيقة قلوبهم، لينة طباعهم، الإيمان يمان، والفقه يمان " وقال الإمام أحمد حدثنا وكيع عن سفيان عن عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس قال لما نزلت { إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } علم النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد نعيت إليه نفسه، فقيل إذا جاء نصر الله والفتح السورة كلها، حدثنا وكيع عن سفيان عن عاصم عن أبي رزين أن عمر سأل ابن عباس عن هذه الآية { إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } قال لما نزلت، نعيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه. وقال الطبراني حدثنا إبراهيم بن أحمد بن عمر الوكيعي، حدثنا أبي، حدثنا جعفر بن عون عن أبي العميس، عن أبي بكر بن أبي الجهم عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال آخر سورة نزلت من القرآن جميعاً { إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ }. وقال الإمام أحمد أيضاً حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي البختري الطائي، عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لما نزلت هذه السورة { إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ختمها، فقال " الناس خير، وأنا وأصحابي خير ــــ وقال ــــ لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية " فقال له مروان كذبت، وعنده رافع بن خديج وزيد بن ثابت قاعدان معه على السرير، فقال أبو سعيد لو شاء هذان لحدثاك، ولكن هذا يخاف أن تنزعه عن عرافة قومه، وهذا يخشى أن تنزعه عن الصدقة، فرفع مروان عليه الدرة ليضربه، فلما رأيا ذلك، قالا صدق. تفرد به أحمد. وهذا الذي أنكره مروان على أبي سعيد ليس بمنكر، فقد ثبت من رواية ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الفتح " لا هجرة، ولكن جهاد ونية، ولكن إذا استنفرتم فانفروا " أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، فالذي فسر به بعض الصحابة من جلساء عمر رضي الله عنهم أجمعين من أنه قد أمرنا إذا فتح الله علينا المدائن والحصون، أن نحمد الله ونشكره ونسبحه، يعني نصلي له ونستغفره، معنى مليح صحيح، وقد ثبت له شاهد من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وقت الضحى ثماني ركعات، فقال قائلون هي صلاة الضحى، وأجيبوا بأنه لم يكن يواظب عليها، فكيف صلاها ذلك اليوم، وقد كان مسافراً لم ينو الإقامة بمكة، ولهذا أقام فيها إلى آخر شهر رمضان قريباً من تسعة عشر يوماً، يقصر الصلاة، ويفطر هو وجميع الجيش، وكانوا نحواً من عشرة آلاف، قال هؤلاء وإنما كانت صلاة الفتح.

PreviousNext
1 3 4