الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } * { قَالَ عِفْرِيتٌ مِّن ٱلْجِنِّ أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ } * { قَالَ ٱلَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ ٱلْكِتَابِ أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِيۤ أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ } * { قَالَ نَكِّرُواْ لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِيۤ أَمْ تَكُونُ مِنَ ٱلَّذِينَ لاَ يَهْتَدُونَ } * { فَلَمَّا جَآءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا ٱلْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ } * { وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ } * { قِيلَ لَهَا ٱدْخُلِي ٱلصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

{ وَصَدَّهَا } عن الإسلام { مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ ٱللَّهِ } من عبادة الشمس { إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ } [آية: 43] { قِيلَ لَهَا ٱدْخُلِي ٱلصَّرْحَ } وهو قصر من قوارير على الماء تحته السمك، { فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً } يعني غدير الماء { وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا } يعني رجليها لتخوض الماء إلى سليمان وهو على السرير في مقدم البيت، وذلك أنها لما أقبلت قالت الجن: لقد لقينا من سليمان ما لقينا من التعب، فلو قد اجتمع سليمان وهذه المرأة وما عندها من العلم لهلكنا، وكانت أمها جنية، فقالوا: تعالوا نبغضها إلى سليمان، نقول: إن رجليها مثل حوافر الدواب، لأن أمها كانت جنية، ففعلت، فأمر سليمان فبنى لها بيتاً من قوارير فوق الماء، وأرسل فيه السمك لتحسب أنه الماء، فتكشف عن رجليها فينظر سليمان أصدقته الجن أم كذبته، وجعل سريره في مقدم البيت، فلما رأت الصرح حسبته لجة الماء وكشفت عن ساقيها، فنظر إليها سليمان، فإذا هي من أحسن الناس قدمين ورأى على ساقها شعراً كثيراً فكره سليمان ذلك، فقالت: إن الرمانة لا تدري ما هي حتى تذوقها، قال سليمان: ما لا يحلو في العين لا يحلو في الفم فلما رأت الجن أن سليمان رأى ساقيها، قالت الجن: لا تكشفى عن ساقيك { قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ } يعني أملس { مِّن قَوارِيرَ } فلما رأت السير والصرح علمت أن ملكها ليس بشيء عند ملك سليمان، وأن ملكه من ملك الله عز وجل.

فـ { قَالَتْ } حين دخلت الصرح { رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي } يعني بعبادتها الشمس { وَأَسْلَمْتُ } يعني أخلصت { مَعَ سُلَيْمَانَ } بالتوحيد { لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [آية: 44] خرت لله عز وجل ساجدة، وتابت إلى الله عز وجل من شركها.

واتخذها سليمان عليه السلام لنفسه، فولدت له داود بن سليمان بن داود، عليهم السلام، وأمر لها بقرية من الشام يجى لها خراجها، وكانت عذراً فاتخذ الحمامات من أجلها. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " كانت من أحسن نساء العالمين ساقين، وهي من أزواج سليمان في الجنة " ، فقالت عائشة، رضى الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم: هي أحسن ساقين مني، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أنت أحسن ساقين منها في الجنة "


PreviousNext
1