الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُواْ ٱلْعِدَّةَ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِى لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً } * { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُواْ ذَوَىْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً } * { وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ ٱللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً } * { وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَٱللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً } * { ذَلِكَ أَمْرُ ٱللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً } * { أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلاَ تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُوْلاَتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ }

أو بالوعد لعامة المتقين بالخلاص عن مضار الدارين والفوز بخيرهما من حيث لا يحتسبون. أو كلام جيء به للاستطراد عند ذكر المؤمنين. وعنه صلى الله عليه وسلم " إني لأعلم آية لو أخذ الناس بها لكفتهم». { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ } فما زال يقرؤها ويعيدها " وروي «أن سالم بن عوف بن مالك الأشجعي أسره العدو، فشكا أبوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له " اتق الله وأكثر قول: لا حول ولا قوة إلا بالله. ففعل فبينما هو في بيته إذ قرع ابنه الباب ومعه مائة من الإِبل غفل عنها العدو فاستاقها " وفي رواية " رجع ومعه غنيمات ومتاع " { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } كَافية. { إِنَّ ٱللَّهَ بَـٰلِغُ أَمْرِهِ } يبلغ ما يريده ولا يفوته مراد، وقرأ حفص بالإِضافة، وقرىء { بَـٰلِغُ أَمْرِهِ } أي نافذ و«بالغا» على أنه حال والخبر: { قَدْ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلّ شَىْءٍ قَدْراً } تقديراً أو مقدراً، أو أجلاً لا يتأتى تغييره، وهو بيان لوجوب التوكل وتقرير لما تقدم من تأقيت الطلاق بزمان العدة والأمر بإحصائها، وتمهيد لما سيأتي من مقاديرها.

{ وَٱللَّـٰتِى يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نّسَائِكُمْ } لكبرهن. { إِنِ ٱرْتَبْتُمْ } شككتم في عدتهن أي جهلتهم. { فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَـٰثَةُ أَشْهُرٍ } روي أنه لما نزلوَٱلْمُطَلَّقَـٰتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَـٰثَةَ قُرُوء } [البقرة: 228] قيل فما عدة الَّلاتي لم يحضن فنزلت. { وَٱللَّـٰتِي لَمْ يَحِضْنَ } أي واللاتي لم يحضن بعد كذلك. { وَأُوْلَـٰتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ } منتهى عدتهن. { أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } وهو حكم يعم المطلقات والمتوفى عنهم أزواجهن، والمحافظة على عمومه أولى من محافظة عموم قوله تعالى:وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوٰجًا } [البقرق: 234] لأن عموم أولات الأحمال بالذات وعموم أزواجا بالعرض، والحكم معلل ها هنا بخلافه ثمة، ولأنه صح أن سبيعة بنت الحرث وضعت بعد وفاة زوجها بليال فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " قد حللت فتزوجي " ولأنه متأخر النزول فتقديمه في العمل تخصيص وتقديم الآخر بناء للعام على الخاص والأول راجح للوفاق عليه. { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ } في أحكامه فيراعي حقوقها. { يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً } يسهل عليه أمره ويوفقه للخير.

{ ذَلِكَ أَمْرُ ٱللَّهِ } إشارة إلى ما ذكر من الأحكام. { أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ } في أحكامه فيراعي حقوقها. { يُكَفّرْ عَنْهُ سَيّئَـٰتِهِ } فإن الحسنات يذهبن السيئات { وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً } بالمضاعفة.

PreviousNext
1 3