الرئيسية - التفاسير


* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَٰلِيَ مِمَّا تَرَكَ ٱلْوَٰلِدَانِ وَٱلأَقْرَبُونَ وَٱلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَٰنُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً } * { ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ فَٱلصَّٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ حَٰفِظَٰتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ وَٱلَّٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهْجُرُوهُنَّ فِي ٱلْمَضَاجِعِ وَٱضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً } * { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَٱبْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَآ إِن يُرِيدَآ إِصْلَٰحاً يُوَفِّقِ ٱللَّهُ بَيْنَهُمَآ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً } * { وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَٰمَىٰ وَٱلْمَسَٰكِينِ وَٱلْجَارِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْجَارِ ٱلْجُنُبِ وَٱلصَّاحِبِ بِٱلجَنْبِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً } * { ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً }

{ وَلِكُلٍ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ ٱلْوٰلِدٰنِ وَٱلأَقْرَبُونَ } أي ولكل تركة جعلنا وراثاً يلونها ويحرزونها، ومما ترك بيان لكل مع الفصل بالعامل. أو لكل ميت جعلنا وراثاً مما ترك على أن من صلة موالي. لأنه في معنى الوارث، وفي ترك ضمير كل والوالدان والأقربون استئناف مفسر للموالي، وفيه خروج الأولاد فإن الأقربون لا يتناولهم كما لا يتناول الوالدين، أو لكل قوم جعلناهم موالي حظ مما ترك الوالدان والأقربون، على إن جعلنا موالي صفة كل والراجع إليه محذوف على هذا فالجملة من مبتدأ وخبر. { وَٱلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ } موالى الموالاة، كان الحليف يورث السدس من مال حليفه فنسخ بقوله:وَأُوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ } [الأنفال: 75] وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى: لو أسلم رجل على يد رجل وتعاقد على أن يتعاقلا ويتوارثا صح وورث. أو الأزواج على أن العقد عقد النكاح وهو مبتدأ ضمن معنى الشرط وخبره. { فَآتُوهُم نَصِيبَهُمْ } أو منصوب بمضمر يفسره ما بعده كقولك: زيداً فاضربه، أو معطوف على الوالدان، وقوله فآتوهم جملة مسببة عن الجملة المتقدمة مؤكدة لها، والضمير للموالي. وقرأ الكوفيون { عَقَدَتْ } بمعنى عقدت عهودهم إيمانكم فحذف العهود وأقيم الضمير المضاف إليه مقامه ثم حذف كما حذف في القراءة الأخرى. { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلّ شَيْءٍ شَهِيداً } تهديد على منع نصيبهم.

{ ٱلرّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنّسَاء } يقومون عليهن قيام الولاة على الرعية، وعلل ذلك بأمرين وهبي وكسبي فقال: { بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } بسبب تفضيله تعالى الرجال على النساء بكمال العقل وحسن التدبير، ومزيد القوة في الأعمال والطاعات، ولذلك خصوا بالنبوة والإِمامة والولاية وإقامة الشعائر، والشهادة في مجامع القضايا، ووجوب الجهاد والجمعة ونحوها، والتعصيب وزيادة السهم في الميراث والاستبداد بالفراق. { وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوٰلِهِمْ } في نكاحهن كالمهر والنفقة. روي " (أن سعد بن الربيع أحد نقباء الأنصار نشزت عليه امرأته حبيبة بنت زيد بن أبي زهير، فلطمها فانطلق بها أبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لتقتص منه، فنزلت فقال عليه الصلاة والسلام:أردنا أمراً وأراد الله أمراً والذي أراد الله خير " { فَٱلصَّـٰلِحَـٰتُ قَـٰنِتَـٰتٌ } مطيعات لله قائمات بحقوق الأزواج. { حَافِظَـٰتٌ لّلْغَيْبِ } لمواجب الغيب أي يحفظن في غيبة الأزواج ما يجب حفظه في النفس والمال، وعنه عليه الصلاة والسلام: " خير النساء امرأة إن نظرت إليها سرتك، وإن أمرتها أطاعتك، وإن غبت عنها حفظتك في مالها ونفسها " وتلا الآية. وقيل لأسرارهم. { بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ } بحفظ الله إياهن بالأمر على حفظ الغيب والحث عليه بالوعد والوعيد والتوفيق له، أو بالذي حفظه الله لهن عليهم من المهر والنفقة والقيام بحفظهن والذب عنهن.

السابقالتالي
2 3