الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَٰتُكُمْ وَبَنَٰتُكُمْ وَأَخَوَٰتُكُمْ وَعَمَّٰتُكُمْ وَخَالَٰتُكُمْ وَبَنَاتُ ٱلأَخِ وَبَنَاتُ ٱلأُخْتِ وَأُمَّهَٰتُكُمُ الَّٰتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَٰتُكُم مِّنَ ٱلرَّضَٰعَةِ وَأُمَّهَٰتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ ٱلَّٰتِي فِي حُجُورِكُمْ مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱلَّٰتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَٰئِلُ أَبْنَائِكُمُ ٱلَّذِينَ مِنْ أَصْلَٰبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ ٱلأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً }

الخامسة عشرة ـ وٱختلف العلماء أيضاً من هذا الباب في مسألة اللاّئط فقال مالك والشافعيّ وأبو حنيفة وأصحابهم لا يحرم النكاح باللَّواط. وقال الثَّوْرِي: إذا لعب بالصبي حرمت عليه أُمّه وهو قول أحمد بن حنبل. قال: إذا تلوط بٱبن ٱمرأته أو أبيها أوأخيها حرُمت عليه ٱمرأته. وقال الأوزاعيّ: إذا لاط بغلام ووُلِد للمفجور به بِنت لم يجز للفاجر أن يتزوّجها لأنها بنت من قد دخل به. وهو قول أحمد بن حنبل. السادسة عشرة ـ قوله تعالىٰ: { ٱلَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ } تخصيص ليخرج عنه كل من كانت العرب تتبنّاه ممن ليس للصّلب. ولمّا تزوّج النبيّ صلى الله عليه وسلم ٱمرأة زيد بن حارثة قال المشركون: تزوّج ٱمرأة ٱبنه! وكان عليه السَّلام تبنّاه على ما يأتي بيانه في «الأحزاب». وحرمت حليلة الابن من الرضاع ـ وإن لم يكن للصّلب ـ بالإجماع المستند إلى قوله عليه السَّلام: " يحرُم من الرّضاع ما يحرُم من النَّسب ". السابعة عشرة ـ قوله تعالىٰ { وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ ٱلأُخْتَيْنِ } موضع «أنْ» رفْعٌ على العطف على { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ }. والأُختان لفظ يعم الجميع بنكاح وبِملْك يَمِين. وأجمعت الأُمة على منع جمعهما في عقد واحد من النكاح لهذه الآية، وقولِه عليه السَّلام: " لا تَعْرِضْنَ عليّ بناتكن ولا أخواتكن " وٱختلفوا في الأُختين بِملْك اليمين فذهب كافّة العلماء إلى أنه لا يجوز الجمع بينهما بالمِلْك في الوَطْء، وإن كان يجوز الجمع بينهما في المِلك بإجماع وكذلك المرأة وٱبنتها صفقة واحدة. وٱختلفوا في عقد النكاح على أُخت الجارية التي وطِئها فقال الأوزاعيّ: إذا وَطِىءَ جارية له بِملْك اليمين لم يجز له أن يتزوّج أُختها. وقال الشافعيّ مِلْك اليمين لا يمنع نكاح الأُخت. قال أبو عمر: من جَعلَ عقد النكاح كالشِّراء أجازَه، ومن جعله كالوطء لم يُجِزْه. وقد أجمعوا على أنه لا يجوز العقد على أُخت الزوجة لقول الله تعالىٰ: { وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ ٱلأُخْتَيْنِ } يعني الزوجتين بعقد النكاح. فقِف على ما ٱجتمعوا عليه وما ٱختلفوا فيه يتبيّن لك الصواب إن شاء الله. والله أعلم. الثامنة عشرة ـ شذّ أهل الظاهر فقالوا: يجوز الجمع بين الأُختين بملك اليمين في الوطء كما يجوز الجمع بينهما في المِلْك. وٱحتجّوا بما رُوي عن عثمان في الأُختين من مِلْك اليمين: «حرّمتهما آية وأحلّتهما آية». ذكره عبد الرزاق حدّثنا معمر عن الزُّهْري عن قَبِيصة بن ذُؤيب أن عثمان بن عفان سُئِل عن الأُختين مما مَلَكَت اليمين فقال: لا آمرك ولا أنهاك أحلّتهما آية وحرّمتهما آية. فخرج السائل فلقي رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ قال معمر: أحسبه قال عليّ ـ قال: وما سألت عنه عثمان؟ فأخبره بما سأله وبما أفتاه فقال له: لكنّي أنهاك، ولو كان لي عليك سبيل ثم فعلتَ لجعلتك نَكالاً.

PreviousNext
1 2 3 4 5 6 7 8 10  مزيد