الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَٰتُكُمْ وَبَنَٰتُكُمْ وَأَخَوَٰتُكُمْ وَعَمَّٰتُكُمْ وَخَالَٰتُكُمْ وَبَنَاتُ ٱلأَخِ وَبَنَاتُ ٱلأُخْتِ وَأُمَّهَٰتُكُمُ الَّٰتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَٰتُكُم مِّنَ ٱلرَّضَٰعَةِ وَأُمَّهَٰتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ ٱلَّٰتِي فِي حُجُورِكُمْ مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱلَّٰتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَٰئِلُ أَبْنَائِكُمُ ٱلَّذِينَ مِنْ أَصْلَٰبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ ٱلأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً }

وقد تكون العمة من جهة الأُم، وهي أخت أب أُمك. والخالة ٱسم لكل أُنثى شاركت أُمّك في أصليها أو في أحدهما. وإن شئت قلت: كل أُنثى رجع نسبها إليك بالولادة فأُختها خالتك. وقد تكون الخالة من جهة الأب وهي أُخت أُمِّ أبيك. وبنت الأخ ٱسم لكل أُنثى لأخيك عليها ولادة بواسطة أو مباشرة وكذلك بنت الأُخت. فهذه السبع المحرّمات من النسب. وقرأ نافِعٌ ـ في رواية أبي بكر بن أُبي أُوَيْس ـ بتشديد الخاء من الأخ إذا كانت فيه الألف واللام مع نقل الحركة. الرابعة ـ قوله تعالىٰ: { وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ } وهي في التحريم مثل من ذكرنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " وقرأ عبد الله «وأُمهاتكم اللائي» بغير تاء كقوله تعالىٰ:وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ } [الطلاق: 4]. قال الشاعر:
من اللاَّءِ لم يحجُجْنَ يَبْغين حِسْبَةً   ولكن ليقتلْنَ البَرِيء المغَفَّلا
{ أَرْضَعْنَكُمْ } فإذا أرضعت المرأة طفلاً حرمت عليه لأنها أُمّه، وبنتُها لأنها أُخته، وأُختُها لأنها خالتُه، وأُمّها لأنها جدّتُه، وبنت زوجها صاحِبِ اللبن لأنها أُخته، وأُخته لأنها عمته، وأُمّه لأنها جدّته، وبنات بنيها وبناتها لأنهنّ بنات إخوته وأخواته. الخامسة ـ قال أبو نعيم عبيد الله بن هشام الحلبيّ: سئِل مالك عن المرأة أيحج معها أخوها من الرّضاعة؟ قال: نعم. قال أبو نعيم: وسئل مالك عن ٱمرأة تزوّجت فدخل بها زوجها، ثم جاءت ٱمرأة فزعمت أنها أرضعتهما قال: يفرق بينهما، وما أخذت من شيء له فهو لها، وما بقِي عليه فلا شيء عليه. ثم قال مالك: إن النبيّ صلى الله عليه وسلم سئل عن مثل هذا فأمر بذلك فقالوا: يا رسول الله، إنها ٱمرأة ضعيفة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أليس يُقال إن فلاناً تزوّج أُخته " ؟. السادسة ـ التحريم بالرّضاع إنما يحصل إذا ٱتفق الإرضاع في الحولين كما تقدّم في «البقرة». ولا فرق بين قليل الرّضاع وكثيره عندنا إذا وصل إلى الأمعاء ولو مَصّة واحدة. واعتبر الشافعي في الإرضاع شرطين: أحدهما خمس رضعات لحديث عائشة قالت: كان فيما أنزل الله عشر رضعات معلومات يحرّمن، ثم نسخن بخمسٍ معلومات، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهنّ مما يُقرأ من القرآن. موضع الدليل منه أنها أثبتت أن العشر نسخن بخمس، فلو تعلق التحريم بما دون الخمس لكان ذلك نسخاً للخمس. ولا يقبل على هذا خبر واحد ولا قياس لأنه لا ينسخ بهما. وفي حديث سَهْلَة: " أرضعيه خمس رضعات يحرم بهن " الشرط الثاني ـ أن يكون في الحولين، فإن كان خارجاً عنهما لم يحرّم لقوله تعالىٰ:حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَ }

PreviousNext
1 2 4 5 6 7 8 9 10  مزيد