الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُّعْرِضُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَـاةِ فَاعِلُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ } * { إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } * { فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْوَارِثُونَ } * { ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

وإنما عُرف حفظ المرأة فرجها من أدلة أخر كآيات الإحصان عموماً وخصوصاً وغير ذلك من الأدلّة». قلت: وعلى هذا التأويل في الآية فلا يحلّ لامرأة أن يطأها مَن تملكه إجماعاً من العلماء لأنها غير داخلة في الآية، ولكنها لو أعتقته بعد مِلْكها له جاز أن يتزوّجها كما يجوز لغيره عند الجمهور. وروي عن عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة والشَّعْبِيّ والنَّخَعِيّ أنها لو أعتقته حين ملكته كانا على نكاحهما. قال أبو عمر: ولا يقول هذا أحد من فقهاء الأمصار لأن تملّكها عندهم يبطل النكاح بينهما، وليس ذلك بطلاق وإنما هو فسخ للنكاح وأنها لو أعتقته بعد ملكها له لم يراجعها إلا بنكاح جديد ولو كانت في عدّة منه. الخامسة: قال محمد بن عبد الحكم: سمعت حَرْملة بن عبد العزيز قال: سألت مالكاً عن الرجل يَجْلِد عُمَيرة، فتلا هذه الآية { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ـ إلى قوله ـ ٱلْعَادُونَ }. وهذا لأنهم يَكْنُون عن الذَّكَر بعُمَيْرة وفيه يقول الشاعر:
إذا حَلَلتَ بوادٍ لا أنيس به   فاجلد عُمَيرة لا داءٌ ولا حَرَجُ
ويسميه أهل العراق الاستمناء، وهو استفعال من المَنِيّ. وأحمد بن حنبل على ورعه يجوّزه، ويحتج بأنه إخراج فضلة من البدن فجاز عند الحاجة أصله الفَصْد والحجامة. وعامة العلماء على تحريمه. وقال بعض العلماء: إنه كالفاعل بنفسه، وهي معصية أحدثها الشيطان وأجراها بين الناس حتى صارت قِيلة، ويا ليتها لم تُقَل ولو قام الدليل على جوازها لكان ذو المروءة يَعْرِض عنها لدناءتها. فإن قيل: إنها خير من نكاح الأَمَة قلنا: نكاح الأمة ولو كانت كافرة على مذهب بعض العلماء خير من هذا، وإن كان قد قال به قائل أيضاً، ولكن الاستمناء ضعيف في الدليل عارٌ بالرجل الدنيء فيكف بالرجل الكبير. السادسة: قوله تعالى: { إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ } قال الفَرّاء: أي من أزواجهم اللاتي أحل الله لهم لا يجاوزون. { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } في موضع خفض معطوفة على «أزواجهم» و«ما» مصدرية. وهذا يقتضي تحريم الزنى وما قلناه من الاستمناء ونكاح المُتْعة لأن المتمتَّع بها لا تجري مجرى الزوجات، لا ترث ولا تورث، ولا يلحق به ولدها، ولا يخرج من نكاحها بطلاق يستأنف لها، وإنما يخرج بانقضاء المدّة التي عُقدت عليها وصارت كالمستأجرَة. ابن العربي: إن قلنا إن نكاح المتعة جائز فهي زوجة إلى أجل ينطلق عليها اسم الزوجية. وإن قلنا بالحق الذي أجمعت عليه الأمة من تحريم نكاح المتعة لما كانت زوجة فلم تدخل في الآية. قلت: وفائدة هذا الخلاف هل يجب الحدّ ولا يلحق الولد كالزنى الصريح أو يدفع الحدّ للشبهة ويلحق الولد قولان لأصحابنا.

PreviousNext
1 2 4 5