الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنْكِحُواْ ٱلْمُشِرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَى ٱلْجَنَّةِ وَٱلْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }

وأما الشافعيّ وأصحابُه فالنكاح عندهم بغير وَلِيٍّ مفسوخٌ أبداً قبل الدخول وبعده، ولا يتوارثان إن مات أحدهما. والولِيُّ عندهم من فرائض النكاح لقيام الدليل عندهم من الكتاب والسنة: قال الله تعالىٰ:وَأَنْكِحُواْ ٱلأَيَامَىٰ مِنْكُمْ } [النور: 32] كما قال:فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ } [النساء: 25]، وقال مخاطباً للأولياء: «فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ». وقال عليه السَّلام: " لاَ نكاح إلاَّ بولِيٍّ " ولم يفرّقوا بين دَنِيّة الحال وبين الشريفة، لإجماع العلماء على أن لا فرق بينهما في الدِّماء لقوله عليه السَّلام: " المسلمون تتكافؤ دماؤهم " وسائر الأحكام كذلك. وليس في شيء من ذلك فرق بين الرفيع والوضيع في كتاب ولا سنة. الرابعة ـ وٱختلفوا في النكاح يقع على غير وَليّ ثم يُجيزه الوليُّ قبل الدخول فقال مالك وأصحابُه إلاَّ عبد الملك: ذلك جائز، إذا كانت إجازته لذلك بالقرب وسواء دخل أو لم يدخل. هذا إذا عقد النكاح غيرُ وليّ ولم تَعِقده المرأةُ بنفسها فإن زوّجت المرأةُ نفسَها وعقدت عُقدة النكاح من غير وليّ قريب ولا بعيد من المسلمين فإن هذا النكاح لا يُقَرّ أبداً على حال وإن تطاول وولَدَت الأولاد ولكنه يُلْحق الولد إن دخل، ويسقط الحدّ ولا بدّ من فسخ ذلك النكاح على كلّ حال. وقال ٱبن نافع عن مالكٍ: الفسخ فيه بغير طلاق. الخامسة ـ وٱختلف العلماء في منازل الأولياء وترتيبِهم فكان مالكٌ يقول: أوّلهم البنون وإن سَفَلوا، ثم الآباء، ثم الإخوة للأب والأُم، ثم للأب، ثم بنو الإخوة للأب والأُمّ، ثم بنو الإخوة للأب، ثم الأجداد للأب وإن عَلَوْا، ثم العُمومة على ترتيب الإخوة، ثم بنوهم على ترتيب بني الإخوة وإن سَفلوا، ثم المولى ثم السلطان أو قاضيه. والوصيُّ مقدّم في إنكاح الأيتام على الأولياء، وهو خليفة الأب ووكيلهُ فأشبه حاله لو كان الأب حيّاً. وقال الشافعي: لا ولايةَ لأحد مع الأب، فإن مات فالجد، ثم أبُ أبِ الجَدِّ لأنهم كلهم آباء. والولاية بعد الجد للإخوة، ثم الأقرب. وقال المُزِنيُّ: قال في الجديد: من ٱنفرد بأُمٍّ كان أوْلَى بالنكاح كالميراث. وقال في القديم: هما سواء. قلت: وروى المدنيّون عن مالكٍ مثلَ قولِ الشافعيّ، وأنّ الأبَ أوْلى من الابن وهو أحد قولي أبي حنيفة حكاه الباجيّ. ورُوي عن المغيرة أنه قال: الجَدُّ أوْلَى من الإخوة والمشهور من المذهب ما قدّمناه. وقال أحمد: أحقّهم بالمرأة أن يزوّجَها أبوها ثم الابن، ثم الأخ، ثم ٱبنُه، ثم العَمّ.

PreviousNext
1 2 3 4 5 6 7 8 10  مزيد