الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنْكِحُواْ ٱلْمُشِرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَى ٱلْجَنَّةِ وَٱلْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }

السابعة ـ وٱختلفوا في نكاح نساءِ المجوس فمنع مالكٌ والشافعيّ وأبو حنيفة والأُوزاعيُّ وإسحاقُ من ذلك. وقال ٱبن حَنْبل: لا يعجبني. ورُوي أن حُذَيفة بن اليمان تزوّج مجوسية، وأن عُمَر قال له: طلِّقها. وقال ٱبنُ القَصّار: قال بعض أصحابنا: يجب على أحد القولين أنّ لهم كتاباً أن تجوز مناكحتهم. وروى ٱبن وهبٍ عن مالكٍ أن الأَمَةَ المجوسيّة لا يجوز أن تُوطأ بِملْك اليمين، وكذلك الوثنياتُ وغيرُهن من الكافرات وعلى هذا جماعة العلماء، إلا ما رواه يحيى بنُ أيوبَ عن ٱبنِ جُريج عن عطاءٍ وعمرو بنِ دينارٍ أنهما سئلا عن نكاح الإماءِ المجوسيات فقالا: لا بأس بذلك. وتأوّلا قول الله عز وجل: { وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَاتِ }. فهذا عندهما على عقد النكاح لا على الأَمَة المشتراة واحتجّا بسَبْي أَوْطاس وأن الصحابة نكحوا الإماءَ منهنّ بِملْك اليمين. قال النحاس: وهذا قول شاذّ أماسَبْيُ أَوْطاس فقد يجوز أن يكون الإماءُ أسلمن فجاز نكاحهنّ، وأما الاحتجاج بقوله تعالى: { وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ } فغلط لأنهم حملوا النكاح على العَقْد والنكاح في اللغة يقع على العَقْد وعلى الوطء فلما قال: { وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَـٰتِ } حَرّم كلَّ نكاح يقع على المشركات من نكاح ووطء. وقال أبو عمر بن عبد البر: وقال الأُوزاعيّ: سألت الزُّهريّ عن الرجل يشتري المجوسيَّة أيطؤها؟ فقال: إذا شهدت أن لا إلۤه إلا الله وَطِئها. وعن يونس عن ٱبن شهاب قال: لا يحلّ له أن يطأها حتى تُسلِم. قال أبو عمر: قول ٱبن شهاب لا يحل له أن يطأها حتى تُسلِم هذا ـ وهو أعلم الناس بالمغازي والسِّيَرِ ـ دليلٌ على فساد قولِ مَن زعم أن سَبْيَ أوْطاس وُطِئن ولم يُسلِمْنَ. رُوي ذلك عن طائفة منهم عطاءٌ وعمرُو بن دينارٍ قالا: لا بأس بوطء المجوسية وهذا لم يلتفت إليه أحدٌ من الفقهاء بالأمصار. وقد جاء عن الحسن البصريّ ـ وهو ممن لم يكن غَزْوُه ولا غَزْوُ أهل ناحيتِه إلا الفُرس وما وراءهم من خُرَاسان، وليس منهم أحدٌ أهلَ كتاب ـ ما يُبيِّن لك كيف كانت السّيرة في نسائهم إذا سُيبن، قال: أخبرنا عبد الله ابنُ محمد بن أسد، قال: حدّثنا إبراهيمُ بنُ أحمد بن فراس، قال: حدّثنا عليّ بن عبد العزيز، قال: حدّثنا أبو عبيد، قال: حدّثنا هشام عن يونس عن الحسن، قال: قال رجل له: يا أبا سعيد كيف كنتم تصنعون إذا سبيتموهنّ؟ قال: كنا نوجهها إلى القبلة ونأمرها أن تُسلِم وتَشهد أن لا إلۤه إلا الله وأن محمداً رسول الله ثم نأمرها أن تغتسل، وإذا أراد صاحبُها أن يصيبَها لم يُصبها حتى يستبرئَها. وعلى هذا تأويلُ جماعةِ العلماء في قول الله تعالى: { وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ } أنهنّ الوثنيّاتُ والمجوسيّاتُ لأن الله تعالى قد أحلّ الكتابيات بقوله:

PreviousNext
1 2 3 5 6 7 8 9 10  مزيد