الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِذْ قَالَتِ ٱلْمَلاۤئِكَةُ يٰمَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ ٱسْمُهُ ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } * { وَيُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ }

السؤال الثاني: المسيح كان كاللقب له، وعيسى كالاسم فلم قدم اللقب على الاسم؟. الجواب: أن المسيح كاللقب الذي يفيد كونه شريفاً رفيع الدرجة، مثل الصديق والفاروق فذكره الله تعالى أولاً بلقبه ليفيد علو درجته، ثم ذكره باسمه الخاص. السؤال الثالث: لم قال عيسى بن مريم والخطاب مع مريم؟. الجواب: لأن الأنبياء ينسبون إلى الآباء لا إلى الأمهات، فلما نسبه الله تعالى إلى الأم دون الأب، كان ذلك إعلاماً لها بأنه محدث بغير الأب، فكان ذلك سبباً لزيادة فضله وعلو درجته. السؤال الرابع: الضمير في قوله: اسمه عائد إلى الكلمة وهي مؤنثة فلم ذكر الضمير؟. الجواب: لأن المسمى بها مذكر. السؤال الخامس: لم قال اسمه المسيح عيسى بن مريم؟ والاسم ليس إلا عيسى، وأما المسيح فهو لقب، وأما ابن مريم فهو صفة. الجواب: الاسم علامة المسمى ومعرف له، فكأنه قيل: الذي يعرف به هو مجموع هذه الثلاثة. أما قوله تعالى: { وَجِيهًا فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلأَخِرَةِ } ففيه مسألتان: المسألة الأولى: معنى الوجيه: ذو الجاه والشرف والقدر، يقال: وجه الرجل، يوجه وجاهة هو وجيه، إذا صارت له منزلة رفيعة عند الناس والسلطان، وقال بعض أهل اللغة: الوجيه: هو الكريم، لأن أشرف أعضاء الإنسان وجهه فجعل الوجه استعارة عن الكرم والكمال. واعلم أن الله تعالى وصف موسى صلى الله عليه وسلم بأنه كان وجيهاً قال الله تعالى:يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ ءَاذَوْاْ مُوسَىٰ فَبرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهاً } [الأحزاب: 69] ثم للمفسرين أقوال: الأول: قال الحسن: كان وجيهاً في الدنيا بسبب النبوة، وفي الآخرة بسبب علو المنزلة عند الله تعالى والثاني: أنه وجيه عند الله تعالى، وأما عيسى عليه السلام، فهو وجيه في الدنيا بسبب أنه يستجاب دعاؤه ويحيي الموتى ويبرىء الأكمه والأبرص بسبب دعائه، ووجيه في الآخرة بسبب أنه يجعله شفيع أمته المحقين ويقبل شفاعتهم فيهم كما يقبل شفاعة أكابر الأنبياء عليهم السلام والثالث: أنه وجهه في الدنيا بسبب أنه كان مبرأ من العيوب التي وصفه اليهود بها، ووجيه في الآخرة بسبب كثرة ثوابه وعلو درجته عند الله تعالى. فإن قيل: كيف كان وجيهاً في الدنيا واليهود عاملوه بما عاملوه، قلنا: قد ذكرنا أنه تعالى سمى موسى عليه السلام بالوجيه مع أن اليهود طعنوا فيه، وآذوه إلى أن برأه الله تعالى مما قالوا، وذلك لم يقدح في وجاهة موسى عليه السلام، فكذا ههنا. المسألة الثانية: قال الزجاج { وَجِيهاً } منصوب على الحال، المعنى: أن الله يبشرك بهذا الولد وجيهاً في الدنيا والآخرة، والفراء يسمي هذا قطعاً كأنه قال: عيسى ابن مريم الوجيه فقطع منه التعريف.

PreviousNext
1 2 3 5 6