الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى ٱلْهُدَىٰ لاَ يَسْمَعُواْ وَتَرَٰهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ }

{ وإن تدعوهم } اى الاصنام { إلى الهدى } الى ان يهدوكم الى ما تحصلون بله مقاصدكم من الكيد وغيره { لا يسمعوا } اى دعاءكم فضلا عن المساعدة والامداد وهذا بخلاف التوجه الى روحانية الانبياء والاولياء وان كانوا مخلوقين فان الاستمداد منهم والتوسل بهم والانتساب اليهم من حيث انهم مظاهر الحق ومجالى انواره ومرائى كمالاته وشفعاؤه فى الامور الظاهرة والباطنة له غايات جليلة وليس ذلك بشرك اصلا بل هو عين التوحيد ومطالعة الانوار من مطالعها ومكاشفة الاسرار من مصاحفها قال الصائب
مشو بمرك زامداد اهل دل نوميد كه خواب مردم آكاه عين بيداريست   
{ وتريهم } الرؤية بصرية والخطاب لكل واحد من المشركين اى وترى الاصنام ايها الرائى رأس العين { ينظرون اليك } حال من المفعول اى يشبهون الناظرين اليك ويخيل اليك انهم يبصرونك لما انهم صنعوا لها اعينا مركبة بالجواهر المضيئة المتلالئة وصوروها تصوير من قلب حدقته الى الشيء ينظر اليه { وهم لايبصرون } حال من فاعل ينظرون اى والحال انهم غير قادرين على الابصار وهو بيان عجزهم عن الابصار بعد بيان عجزهم عن السمع وقيل ضمير الفاعل فى تراهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وضمير المفعول للمشركين على ان التعليل قد تم عند قوله تعالى { لا يسمعوا } اى وترى المشركين يا محمد ينظرون اليك باعينهم وهم لا يبصرونك ببصائرهم اى كما انت عليه فهم غائبون عنك فى الحقيقة الا ان يقروا بالتوحيد وصدق الرسالة - ذكر - ان السطر الاول من خاتم سليمان عليه الصلاة والسلام كان بسم الله الرحمن الرحيم. والسطر الثانى لا اله الا الله. والسطر الثالث محمد رسول الله فلما ادخله جبريل فى اصبعه لم يقدر اصحابه ان يروه فتضرعوا فقال قولوا لا اله الا الله محمد رسول الله فلما قالوه رأوه. وسره انه احاط المهابة فلما اشتغلوا بالتوحيد حصل لهم الاستعداد والقدرة - وحكى - ان السلطان محمود الغازى دخل على الشيخ الربانى ابى الحسن الخرقانى قدس سره لزيارته وجلس ساعة ثم قال يا شيخ ما تقول فى حق ابى يزيد البسطامى فقال الشيخ هو رجل من رآه اهتدى واتصل بسعادة لا تخفى فقال محمود وكيف ذلك وابو جهل رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وانما رأى محمد بن عبد الله يتيم ابى طالب حتى لو كان رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم لخرج من الشقاوة ودخل فى السعادة ثم قال الشيخ ومصداق ذلك قول الله تعالى { وترٰهم ينظرون اليك وهم لا يبصرون } فالنظر بعين الرأس لا يوجب هذه السعادة بل النظر بعين السر والقلب يورث ذلك فمن رأى ابا يزيد بهذه العين فاز بالسعادة

السابقالتالي
2