الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِلَـٰهِ ٱلنَّاسِ }

{ اله الناس } هو لبيان ان ملكه تعالى ليس بمجرد الاستيلاء عليهم والقيام بتدبير امور سياستهم والتولى لترتيب مبادى حفظهم وحمايتهم كما هو قصارى امر الملوك بل هو بطريق المعبودية المؤسسة على الالوهية المقتضية للقدرة التامة على التصرف الكلى فيهم احياء واماتة وايجادا واعداما وايضا ان ملك الناس اشارة الى حال الفناء فى الله كما اشرنا اليه واله الناس لبيان حال البقاء بالله لان الاله هو المعبود المطلق وذلك هو الذات مع جميع الصفات فلما فنى العبد فى الله ظهر كونه ملكا ثم رده الله الى الوجود لمقام العبودية فتم استعاذته من شر الوسواس لان الوسوسة تقتضى محلا وجوديا ولا وجود فى حال الفناء ولا صدر ولا وسوسة ولا موسوس بل ان ظهر هناك تلوين بوجود الانانية يقول اعوذ بك منك فلما صار معبودا بوجود العابد ظهر الشيطان بظهور العابد كما كان اولا موجدا بوجوده وايضا مقام الربوبية المقيدة بالناس هو لحضرة الامام الذى على باب عالم الملكوت وفيها يشهد وهى موضع نظره فانها ثلاث حضرات اختصت بثلاثة اسماء نالها ثلاثة رجال وهى حضرة الرب والملك والاله فرجالها الامامان والقطب والامامان وزيران للقطب صاحب الوقت وينفرد القطب بالكشف الذاتى المطلق كما ينفرد الامام الذى على يسار القطب بباب عالم الشهادة الذى لا سبيل للامام الثانى الذى يمينه اليه وانما اضيف امام الربوبية للناس وهو مع الملكوتيات لانه لا بد له عند موت الامام الثانى المسمى بالملك ان يرث مقامه بخلاف غير وفى الارشاد تخصيص الاضافة بالناس مع انتظام جميع العالمين فى سلك ربوبيته تعالى وملكوته والوهيته لان المستعاذ منه شر الشيطان المعروف بعداوتهم ففى التنصيص على انتظامهم فى سلك عبوديته تعالى وملكوته رمز الى انجائهم من هلكة الشيطان وتسلطه عليهم حسبما ينطق به قوله تعالى ان عبادى ليس لك عليهم سلطان وتكرير المضاف اليه لمزيد الكشف والتقرير بالاضافة فان مالا شرف فيه لا يعبأ به ولا يعاد ذكره بل يترك ويهمل وقد قال من قال
أعد ذكر نعمان لنا ان ذكره هو المسك ما كررته يتضوع   
والتضوع بوى خوش دميدن فلولا ان الناس اشرف مخلوقاته لما ختم كتابه بذكرهم.