الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ } * { لَّوْ مَا تَأْتِينَا بِٱلْمَلائِكَةِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { مَا نُنَزِّلُ ٱلْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِٱلحَقِّ وَمَا كَانُواْ إِذاً مُّنظَرِينَ } * { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي شِيَعِ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } * { كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ ٱلْمُجْرِمِينَ } * { لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ ٱلسَّمَاءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ } * { لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ } * { وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي ٱلسَّمَاءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ } * { وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } * { إِلاَّ مَنِ ٱسْتَرَقَ ٱلسَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ }

كَأنَّـــهُ كَوْكَبٌ في إثْرِ عِفْرِيَةٍ   مُسَوَّمٌ في سَوادِ اللَّيْلِ مُنْقَضِبُ
الإعراب: لو ما دعاء إلى الفعل وتحريض عليه وهو بمعنى لولا وهلا وقد جاءت لو ما في معنى لولا التي لها جواب قال ابن مقبل:
لَـوْ مَا الحَياءُ وَلَوْلا الدِّينُ عِبْتُكُما   بِبَعْضِ ما فيكُما إذْ عِبْتُما عَوَري
{ إلا من استرق السمع } استثناء منقطع والمعنى لكن من استرق السمع يتبعه شهاب وقال الفراء هو استثناء صحيح لأن الله تعالى لم يحفظ السماء ممن يصعد إليها ليسترق السمع لكن إذا سمعه وأداه إلى الكهنة أتبعه شهاب. المعنى: { وقالوا } أي قال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم { يا أيها الذي نُزِّل عليه الذكر } أي القرآن في زعمه ودعواه { إنك لمجنون } في دعواك أنه نزل عليك وفي توهمك أنا نتبعك ونؤمن بك { لوما تأتينا بالملائكة } يشهدون لك على صدق قولك { إن كنت من الصادقين } فيما تدَّعيه عن ابن عباس والحسن. ثم أجابهم سبحانه بالجواب المقنع فقال { ما ننزل الملائكة إلا بالحق } أي لا ننزل الملائكة إلا بالحق الذي هو الموت لا يقع فيه تقديم وتأخير فيقبض أرواحهم عن ابن عباس وقيل لا ينزلون إلا بعذاب الاستئصال إن لم يؤمنوا عن الحسن ومجاهد والجبائي وقيل ما ينزلون في الدنيا إلا بالرسالة عن مجاهد { وما كانوا إذاً } أي حين ننزل الملائكة { منظرين } مؤخرين ممهلين أي لا يمهلون ساعة. ثم زاد سبحانه في البيان فقال { إنا نحن نزلنا الذكر } أي القرآن { وإنا له لحافظون } عن الزيادة والنقصان والتحريف والتغيير عن قتادة وابن عباس ومثله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وقيل معناه متكفل بحفظه إلى آخر الدهر على ما هو عليه فتنقله الأمة وتحفظه عصراً بعد عصر إلى يوم القيامة لقيام الحجة به على الجماعة من كل من لزمته دعوة النبي صلى الله عليه وسلم عن الحسن وقيل يحفظه من كيد المشركين ولا يمكنهم إبطاله ولا يندرس ولا ينسى عن الجبائي وقال الفراء يجوز أن يكون الهاء في له كناية عن النبي صلى الله عليه وسلم فكأنه قال إنا نزلنا القرآن وإنا لمحمد صلى الله عليه وسلم لحافظون وفي هذه الآية دلالة على أن القرآن محدث إذ المنزل والمحفوظ لا يكون إلا محدثاً. { ولقد أرسلنا من قبلك } يا محمد رسلاً عن ابن عباس فحذف المفعول لدلالة الإرسال عليه { في شيع الأولين } أي في فرق الأولين عن الحسن والكلبي وقيل في الأمم الأولين عن عطاء عن ابن عباس { وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون } وهذا تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم إذ أخبره أن كل رسول كان مبتلى بقومه واستهزاؤهم بالرسل إنما حملهم على ذلك استبعادهم ما دعوهم إليه واستيحاشهم منه واستنكارهم له حتى توهموا أنه مما لا يكون ولا يصح مع مخالفته لما وجدوا عليه أسلافهم.

PreviousNext
1 3 4