الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ } * { إِرَمَ ذَاتِ ٱلْعِمَادِ } * { ٱلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي ٱلْبِلاَدِ } * { وَثَمُودَ ٱلَّذِينَ جَابُواْ ٱلصَّخْرَ بِٱلْوَادِ } * { وَفِرْعَوْنَ ذِى ٱلأَوْتَادِ } * { ٱلَّذِينَ طَغَوْاْ فِي ٱلْبِلاَدِ } * { فَأَكْثَرُواْ فِيهَا ٱلْفَسَادَ } * { فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ } * { إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ }

قوله: { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ }.

قرا العامة: " بعاد ": مصروفاً، " إرم " بكسر الهمزة، وفتح الراء، والميم.

فـ " عاد " اسم لرجل في الأصل، ثم أطلق على القبيلة أو الحي، وقد تقدم في الكلام عليه، وأما: " إرَمَ " فقيل: اسم قبيلة. وقيل: اسم مدينة [اختلفوا في تعيينها، فقيل: " إسكندرية " ، وقيل: " دمشق " ، وهذان القولان ضعيفان؛ لأنها منازل كانت من " عمان " إلى " حضرموت " ، وهي بلاد الرمال والأحقاف، وأما " الإسكندرية " و " دمشق " ، فليستا من بلاد الرمال].

فإن كانت اسم قبيلة كانت بدلاً، أو عطف بيان، أو منصوبة بإضمار: " أعني " ، وإن كانت اسم مدينة، فتعلق الإعراب من: " عاد " وتخريجه على حذف مضاف، كأنه قيل: بعاد أهل إرم. قاله الزمخشري.

وهو حسن، ويبعد أن يكون بدلاً من: " عاد " ، بدل اشتمال، إذ لا ضمير، وتقديره قلق وقد يقال: إنه لما كان المراد بـ " عاد ": مدينتهم؛ لأن " إرم " قائمة مقام ذلك، صح البدل.

وإرَمَ: اسم جد عاد، وهو عادُ بنُ عوصِ بنِ إرمَ بْنِ نوحٍ عليه الصلاة والسلام؛ قال زهيرٌ: [البسيط]
5193- وآخَـرينَ تَـرَى المَـاذيَّ عُدَّتهُـمْ   مِـنْ نسْـجٍ دَاوُد أوْ مَـا أوْرثَـتْ إرَمْ
وقال ابن قيس الرقيات: [المنسرح]
5194- مَـجْـداً تَـلِيـداً بَـنـاهُ أوَّلـهُ   أدْركَ عـاداً وقَـبْلـهَـا إرَمَـا
وقرأ الحسن: " عاد " غير مصروف.

قال أبُو حيَّان: مضافاً إلى " إرَمَ " ، فجاز أن يكون " إرَمَ " أباً، أو جداً، أو مدينة.

قال شهاب الدين: يتعين أن يكون في قراءة الحسن، غير مضاف، بل يكون كما كان منوناً، ويكون " إرَمَ " بدلاً أو بياناً أو منصوباً بإضمارِ: أعني، ولو كان مضافاً لوجب صرفه وإنما منع " عاد " اعتباراً بمعنى: القبيلة، أو جاء على أحد الجائزين في: " هند " وبابه.

وقرأ الضحاكُ في رواية: " بِعادَ أرَمَ " ممنوع الصرف، وفتح الهمزة من: " أرم ".

قال مجاهد: من قرأ بفتح الهمزة شبههم بالآرام التي هي الأعلام.

وعنه أيضاً: فتح الهمزة، وسكون الراء، وهو تخفيف " أرِم " بكسر الراء، وهي لغة في اسم المدينة، كما قرئ: { بِوَرِقْكُمْ } [الكهف: 19]، وهي قراءة ابن الزبير، وعنه في: " عاد " مع هذه القراءة: الصرف وتركه.

وعنه - أيضاً - وعن ابن عباسٍ: " أرَمَّ " بفتح الهمزة والراء والميم المشددة جعلاه فعلاً ماضياً، [يقال: أرم العظم أي بَلِيَ، وأرم وأرمه غيره، فأفعل يكون لازماً ومتعدياً في هذا].

السابقالتالي
2 3 4 5 6