الرئيسية - التفاسير


* تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ) مصنف و مدقق


{ إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَـٰتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُّدْخَلاً كَرِيماً } * { وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبْنَ وَٱسْأَلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } * { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَٰلِيَ مِمَّا تَرَكَ ٱلْوَٰلِدَانِ وَٱلأَقْرَبُونَ وَٱلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَٰنُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً } * { ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ فَٱلصَّٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ حَٰفِظَٰتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ وَٱلَّٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهْجُرُوهُنَّ فِي ٱلْمَضَاجِعِ وَٱضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً } * { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَٱبْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَآ إِن يُرِيدَآ إِصْلَٰحاً يُوَفِّقِ ٱللَّهُ بَيْنَهُمَآ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً } * { وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَٰمَىٰ وَٱلْمَسَٰكِينِ وَٱلْجَارِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْجَارِ ٱلْجُنُبِ وَٱلصَّاحِبِ بِٱلجَنْبِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً } * { ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً } * { وَٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَـآءَ ٱلنَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَمَن يَكُنِ ٱلشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَآءَ قِرِيناً } * { وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ ٱللَّهُ وَكَانَ ٱللَّهُ بِهِم عَلِيماً } * { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَٰعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً }

" لا تضربوا إماء الله " فجاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ذئرت النساء على أزواجهن أي اجترأن فرخص في ضربهن. فأطاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشكون أزواجهن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم " ومعناه أن الذين ضربوا أزواجهم ليسوا خيراً ممن لم يضربوا. وإذا ضربها وجب أن لا يكون مفضياً إلى الهلاك ألبتة، وأن يكون مفرقاً على بدنها لا يوالي به في موضع واحد، ويتقي الوجه لأنه مجمع المحاسن، وأن يكون دون الأربعين. وقيل: دون عشرين لأنه حد كامل في شرب العبد، ومنهم من لا يرى الضرب بالسياط ولا بالعصا. وبالجملة فالتخفيف مرعي في هذا الباب ولهذا قال علي بن أبي طالب: يعظها بلسانه فإن انتهت فلا سبيل له عليها، فإن أبت هجر مضجعها، فإن أبت ضربها، فإن لم تتعظ بالضرب بعث الحكمين. وقال آخرون: هذا الترتيب مرعي عند خوف النشوز، فأما عند تحقق النشوز فلا بأس بالجمع بين الكل. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: " علق سوطك حيث يراه أهلك " { فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً } بالأذى والتوبيخ، واجعلوا ما كان منهم كأن لم يكن { إن الله كان علياً } لا بالجهة { كبيراً } لا بالجثة { فاحذروا } واعلموا أن قدرته عليكم أعظم من قدرتكم على أزواجكم وأرقائكم. روي " أن أبا مسعود الأنصاري رفع سوطه ليضرب غلاماً له فبصر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فصاح به: أبا مسعود، الله أقدر منك عليه. فرمى بالسوط وأعتق الغلام " وفيه أنه مع علوه وكبرياء سلطانه تعصونه فيتوب عليكم فأنتم أحق بالعفو إذا رجع الجاني عليكم، أو أنه مع علوه وكبريائه لا يكلفكم إلا ما تطيقون فكذلك لا تكلفوهن محبتكم فلعلهن لا يقدرن على ذلك، أو أنه مع علو شأنه وكبريائه يكتفي من العبيد بالظواهر ولا يهتك السرائر فأنتم أجدر بأن لا تفتشوا عما في قلبها من الحب والبغض إذا صلح حالها في الظاهر، أو أنهن إن ضعفن عن دفع ظلمكم وعجزن عن الانتصاف منكم فالله تعالى قادر قاهر ينتصف لهن منكم.

ثم بيّن أنه ليس بعد الضرب إلا المحاكمة فقال: { وإن خفتم } قال ابن عباس: أي علمتم وذلك لإصرارها على النشوز حيث لم يؤثر فيها الوعظ والهجران والضرب. واعترض / عليه الزجاج بأنه إذا علم الشقاق قطعاً فلا حاجة إلى الحكمين. وأجيب بأن الشقاق معلوم إلاّ أنا لا نعلم أن سبب الشقاق منه أو منها، فالحاجة إلى الحكمين لهذا المعهنى. أو نقول: المراد إزالة الشقاق في الاستقبال، ومعنى { شقاق بينهما } شقاقاً بينهما، فأضيف الشقاق إلى الظرف على سبيل الاتساع وهو إجراء الظرف مجرى المفعول به، أو على جعل البين مشاقاً مثل " نهاره صائم " والضمير للزوجين يدل عليهما مساق الكلام، أو ذكر الرجال والنساء { فابعثوا حكماً من أهله } رجلاً مقنعاً رضاً يصلح لحكومة الإصلاح بينهما ويهتدي إلى المقصود من البعث.

PreviousNext
1 2 3 4 5 6 7 9 10  مزيد