الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِٱلْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِٱلْغَيْبِ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }

قوله تعالى: { لقد أرسلنا رسلنا بالبينات } أي: بالآيات والحجج { وأنزلنا معهم الكتاب } ببيان الشرائع، والأحكام. وفي «الميزان» قولان.

أحدهما: أنه العدل، قاله ابن عباس، وقتادة.

والثاني: أنه الذي يوزن به، قاله ابن زيد ومقاتل. فعلى القول الأول: يكون المعنى: وأمرنا بالعدل. وعلى الثاني: ووضعنا الميزان، أي: أمرنا به { ليقوم الناس بالقسط } أي: لكي يقوموا بالعدل.

قوله تعالى: { وأنزلنا الحديد } فيه قولان.

أحدهما: أن الله تعالى أنزل مع آدم السندان، والكلبتين، والمطرقة، قاله ابن عباس.

والثاني: أن معنى «أنزلنا»: أنشأنا وخلقنا، كقوله تعالى:وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج } [الزمر:6].

قوله تعالى: { فيه بأس شديد } قال الزجاج: وذلك أنه يُمتَنع به، ويُحارَب به { ومنافع للناس } في أدواتهم: وما ينتفعون به من آنية وغيرها.

قوله تعالى: { وليعلمَ الله } هذا معطوف على قوله تعالى: { ليقومَ الناس } ، والمعنى: ليتعامل الناس بالعدل وليعلم الله { من ينصره بالقتال في سبيله، ونصرة دينه، وذلك أنه أمر في الكتاب الذي أنزل بذلك. وقد سبق معنى قوله تعالى: { وليعلم الله } في مواضع. وقوله تعالى: { بالغيب } أي: ولم ير الله، ولا أحكام الآخرة، وإنما يجهد ويثاب من أطاع بالغيب.