الرئيسية - التفاسير


* تفسير بحر العلوم/ السمرقندي (ت 375 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبْنَ وَٱسْأَلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } * { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَٰلِيَ مِمَّا تَرَكَ ٱلْوَٰلِدَانِ وَٱلأَقْرَبُونَ وَٱلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَٰنُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً } * { ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ فَٱلصَّٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ حَٰفِظَٰتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ وَٱلَّٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهْجُرُوهُنَّ فِي ٱلْمَضَاجِعِ وَٱضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً } * { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَٱبْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَآ إِن يُرِيدَآ إِصْلَٰحاً يُوَفِّقِ ٱللَّهُ بَيْنَهُمَآ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً }

ويقال: للرجال، زيادة قوة في النفس والطبع ما ليس للنساء، لأن طبع الرجال غلب عليه الحرارة واليبوسة، فيكون فيه قوة وشدة، وطبع النساء غلب عليه الرطوبة والبرودة، فيكون فيه معنى اللين والضعف، فجعل لهم حق القيام عليهن بذلك. ثم قال: { وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوٰلِهِمْ } أي فضلوا على النساء بما أنفقوا من أموالهم عليهن من المهر والنفقة. ثم قال: { فَٱلصَّـٰلِحَـٰتُ قَـٰنِتَـٰتٌ } يعني المحصنات من النساء في الدين قانتات مطيعات لله تعالى ولأزواجهن. ويقال: الصالحات يعني المحسنات إلى أزواجهن من النساء في الدين { قَـٰنِتَـٰتٍ } أي [مطيعات لله ولأزواجهن] ويقال: الصالحات، يعني الموحدات { قَـٰنِتَـٰتٍ } يعني قائمات بأمور أزواجهن { حَـفِظَـٰتٌ لّلْغَيْبِ } أي لغيب أزواجهن في فروجهن، وفي أموال الأزواج { بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ } يقول أي: يحفظ الله إياهن. قال مقاتل: (وما) صلة يعني يحفظ الله لهن، ثم قال عز وجل: { وَٱللَّـٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ } أي تعلمون عصيانهن { فَعِظُوهُنَّ } بالله، أي يقول لها: اتق الله فإن حق الزوج عليك واجب، فإن لم تقبل ذلك قوله تعالى: { وَٱهْجُرُوهُنَّ فِي ٱلْمَضَاجِعِ } قال الكلبي: أي ينسها وهو الهجر. ويقال: لا يقرب فراشها، لأن الزوج إذا أعرض عن فراشها، فإن كانت محبة للزوج يشق عليها، فترجع إلى الصلاح، وإن كانت مبغضة فتظهر السرور فيها، فيتبين أن النشوز من قبلها. وقال الضحاك: واهجروهن في المضاجع، أي يعرض عنها، فإن ذلك يغيظها فإن لم ينفعها ذلك. { وَٱضْرِبُوهُنَّ } يعني ضرباً غير مبرح، { فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً } يقول: لا تطلبوا عليهن عللاً، ولا تكلفوهن الحب لكم، فإن الحب أمر القلب، وليس لها ذلك بيدها { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً } أي رفيعاً علا فوق كل كبير، فلا يطلب من عباده الحب، ولا يكلفهم ما لا يطيقونه، ويطلب منهم الطاعة، فأنتم أيضاً لا تكلفوهن. ويقال: إن الله مع علوه يتجاوز عن عباده، فأنتم أيضاً تجاوزوا ولا تطلبوا العلل. ثم قال تعالى للأولياء: { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا } يقول: إن علمتم خلافاً بين الزوجين، ويقال: إن خفتم الفراق بينهما، ولا تدرون من أيهما يقع النشوز فقوله: { فَٱبْعَثُواْ حَكَماً مّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا } يعني رجلاً عدلاً من أهل الزوج له عقل وتمييز، يذهب إلى الرجل ويخلو به، ويقول له: أخبرني [ما] في نفسك، أتهواها أم لا؟ حتى أعلم بمرادك، فإن قال: لا حاجة لي بها، خذ مني لها ما استطعت، وفرق بيني وبينها، فيعرف أن من قبله جاء النشوز، وإن قال: فإني أهواها [فارضيها] من مالي بما شئت ولا تفرق بيني وبينها، فيعرف أنه ليس بناشز.

PreviousNext
1 3