الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّىٰ } * { وَلَـٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } * { ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ } * { أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ } * { ثُمَّ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ } * { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى }

يقول تعالى ذكره: فلم يصدّق بكتاب الله، ولم يصلّ له صلاة، ولكنه كذّب بكتاب الله، وتولى فأدبر عن طاعة الله. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { فلا صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى } لا صدّق بكتاب الله، ولا صلى لله، { وَلَكِنْ كَذَّبَ وتَوَلَّى } كذّب بكتاب الله، وتولى عن طاعة الله. وقوله { ثُمَّ ذَهَبَ إلى أهْلِهِ يَتَمَطَّى } يقول تعالى ذكره: ثم مضى إلى أهله منصرفاً إليهم، يتبختر في مشِيته. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { ثُمَّ ذَهَبَ إلى أهْلِهِ يَتَمَطَّى }: أي يتبختر. حدثني سعيد بن عمرو السكوني، قال: ثنا بقية بن الوليد، عن ميسرة بن عبيد، عن زيد بن أسلم، في قوله: { ثُمَّ ذَهَبَ إلى أهْلِهِ يَتَمَطَّى } قال: يتبختر، قال: هي مشية بني مخزوم. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن موسى بن عبيدة، عن إسماعيل بن أمية، عن مجاهد { ذَهَبَ إلى أهْلِهِ يَتَمَطَّى } قال: رأى رجلاً من قريش يمشي، فقال: هكذا كان يمشي كما يمشي هذا، كان يتبختر. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله { يَتَمَطَّى } قال: يتبختر وهو أبو جهل ابن هشام، كانت مِشيته. وقيل: إن هذه الآ ية نزلت في أبي جهل. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: { يَتَمَطَّى } قال: أبو جهل. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ثُمَّ ذَهَبَ إلى أهْلِهِ يَتَمَطَّى } قال: هذا في أبي جهل متبختراً. وإنما عُني بقوله { يَتَمَطَّى } يلوي مطاه تبختراً، والمطا: هو الظهر، ومنه الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذَا مَشَتْ أُمَّتِي المُطَيطَاءَ " وذلك أن يلقي الرجل بيديه ويتكفأ. وقوله { أوْلَى لَكَ فأَوْلَى ثُمَّ أوْلَى لَكَ فأَوْلَى } هذا وعيد من الله على وعيد لأبي جهل، كما: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { أوْلَى لَكَ فأَوْلَى ثُمَّ أوْلَى لَكَ فأَوْلَى } وعيد على وعيد، كما تسمعون، زعم أن هذا أنزل في عدوّ الله أبي جهل. ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم أخذ بمجامع ثيابه فقال: { أَوْلَى لَكَ فأَوْلى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فأَوْلَى } فقال عدوّ الله أبو جهل: أيوعدني محمد والله ما تستطيع لي أنت ولا ربك شيئاً والله لأنا أعزّ من مشى بين جبليها.

السابقالتالي
2