الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ } * { فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } * { ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } * { ثُمَّ نَظَرَ } * { ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ } * { ثُمَّ أَدْبَرَ وَٱسْتَكْبَرَ } * { فَقَالَ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ } * { إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ قَوْلُ ٱلْبَشَرِ }

يقول تعالى ذكره: إن هذا الذي خلقته وحيداً، فكَّر فيما أنزل على عبده محمد صلى الله عليه وسلم من القرآن، وقدّر فيما يقول فيه { فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } يقول: ثم لعن كيف قدّر النازل فيه { ثُمَّ نَظَرَ } يقول: ثم روّي في ذلك { ثُمَّ عَبَس } يقول: ثم قبض ما بين عينيه { وَبَسَرَ } يقول: كلح وجهه ومنه قول توبة بن الحُمَيِّر:
وَقَدْ رَابَنِي مِنْها صُدُودٌ رأيتُهُ   وإعْراضُها عَنْ حاجَتِي وبُسُورُها
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، وجاءت الأخبار عن الوحيد أنه فعل. ذكر الرواية بذلك: حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر عن عباد بن منصور، عن عكرِمة، أن الوليد بن المُغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقرأ عليه القرآن، فكأنه رقّ له، فبلغ ذلك أبا جهل، فقال: أي عمّ إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالاً، قال: لِمَ؟ قال: يعطونكه فإنك أتيت محمداً تتعرّض لما قِبَله قال: قد علمت قريش أني أكثرها مالاً، قال: فقل فيه قولاً يعلم قومك أنَّك مُنكر لما قال، وأنك كاره له قال: فما أقول فيه، فوالله ما منكم رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه مني، ولا بقصيده، ولا بأشعار الجنّ، والله ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا، ووالله إن لقوله لحلاوة، وإنه ليحطم ما تحته، وإنه ليعلو ولا يعلى قال: والله لا يرضى قومك حتى تقول فيه، قال: فدعني حتى أفكر فيه فلما فكَّر قال: هذا سحر يأثره عن غيره، فنزلتذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } قال قتادة: خرج من بطن أمه وحيداً، فنزلت هذه الآية حتى بلغ تسعة عشر. حدثني محمد بن سعيد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { إنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ }... إلى { ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ } قال: دخل الوليد بن المغيرة على أبي بكر بن أبي قُحافة رضي الله عنه يسأله عن القرآن فلما أخبره خرج على قريش فقال: يا عجباً لما يقول ابن أبي كبشة، فوالله ما هو بشعر، ولا بسحر، ولا بهذي من الجنون، وإن قوله لمن كلام الله فلما سمع بذلك النفر من قريش ائتمروا وقالوا: والله لئن صبأ الوليد لتصبأن قريش، فلما سمع بذلك أبو جعل قال: أنا والله أكفيكم شأنه فانطلق حتى دخل عليه بيته، فقال للوليد: ألم تر قومك قد جمعوا لك الصدقة؟ قال: ألستُ أكثرهم مالاً وولداً؟ فقال له أبو جهل: يتحدّثون أنك إنما تدخل على ابن أبي قُحافة لتصيب من طعامه قال الوليد: أقد تحدثت به عشيرتي فلا يقصر عن سائر بني قُصيّ لا أقرب أبا بكر ولا عمر ولا ابن أبي كبشة، وما قوله إلا سحر يؤثر فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2