الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَبَنِينَ شُهُوداً } * { وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً } * { ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ } * { كَلاَّ إِنَّهُ كان لآيَاتِنَا عَنِيداً } * { سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً }

يقول تعالى ذكره: وجعلت له بنين شهوداً، ذُكر أنهم كانوا عشرة. ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع عن إسماعيل بن إبراهيم، عن أبيه، عن مجاهد { وَبَنِينَ شُهُوداً } قال: كان بنوه عشرة. وقوله: { وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً } يقول تعالى ذكره: وبسطت له في العيش بسطاً، كما: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان { ومَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً } قال: بسط له. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: { وَمَهَّدَتُ لَهُ تَمْهِيداً } قال: من المال والولد. وقوله: { ثُمَّ يَطْمَعُ أنْ أزِيدَ } يقول تعالى ذكره: ثم يأمل ويرجو أن أزيده من المال والولد على ما أعطيته { كَلاَّ } يقول: ليس ذلك كما يأمل ويرجو من أن أزيده مالاً وولداً، وتمهيداً في الدنيا { إنَّهُ كانَ لآياتِنا عَنِيداً } يقول: إن هذا الذي خلقته وحيداً كان لآياتنا، وهي حجج الله على خلقه من الكتب والرسل عنيداً، يعني معانداً للحقّ مجانبا له، كالبعير العنود ومنه قول القائل:
إذَا نَزَلْتُ فاجْعَلانِي وَسَطا   إنّي كَبِيرٌ لا أُطِيقُ العُنَّدَا
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: { إنَّهُ كانَ لآياتِنا عَنيداً } قال: جحوداً. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: { إنَّهُ كانَ لآياتِنا عَنِيداً } قال محمد بن عمرو: معانداً لها. وقال الحارث: معانداً عنها، مجانباً لها. حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن مجاهد، قوله { عَنِيداً } قال: معانداً للحقّ مجانباً. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { إنَّهُ كانَ لآياتِنا عَنِيداً } كفوراً بآيات الله جحوداً بها. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان { لآياتِنا عنِيداً } قال: مشاقاً، وقيل: عنيداً، وهو من عاند معاندة فهو معاند، كما قيل: عام قابل، وإنما هو مقبل. وقوله: { سأُرْهِقُهُ صَعُوداً } يقول تعالى ذكره: سأكلفه مشقة من العذاب لا راحة له منها. وقيل: إن الصعود جبل في النار يكلَّفُ أهلُ النار صعوده. ذكر الرواية بذلك: حدثني محمد بن عمارة الأسدي، قال: ثنا محمد بن سعيد بن زائدة، قال: ثنا شريك، عن عمارة، عن عطية، عن أبي سعيد، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم { سأُرْهِقُهُ صَعُوداً } قال: " هو جبل في النار من نار، يكلَّفون أن يصعدوه، فإذا وضع يده ذابت، فإذا رفعها عادت، فإذا وضع رجله كذلك "

السابقالتالي
2