الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلأُمِّيَّ ٱلَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ ٱلْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَٱلأَغْلاَلَ ٱلَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِيۤ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ }

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا الـحمانـي، قال: ثنا شريك، عن سالـم، عن سعيد: { وَيَضَعُ عَنْهُمْ إصْرَهُمْ } قال: البول ونـحوه مـما غلظ علـى بنـي إسرائيـل. قال: ثنا الـحِمَّانـي، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد، قال: شدّة العمل. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: قال مـجاهد، قوله: { وَيَضَعُ عَنْهُمْ إصْرَهُمْ والأغْلالَ التـي كانَتْ عَلَـيْهِمْ } قال: من اتبع مـحمداً ودينه من أهل الكتاب، وضع عنهم ما كان علـيهم من التشديد فـي دينهم. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن فضيـل، عن أشعث، عن ابن سيرين، قال: قال أبو هريرة لابن عبـاس: ما علـينا فـي الدين من حرج أن نزنـي ونسرق؟ قال: بلـى، ولكن الإصر الذي كان علـى بنـي إسرائيـل وُضع عنكم. حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { وَيَضَعُ عَنْهُمْ إصْرَهُمْ } قال:، قال: قال أبو هريرة لابن عبـاس: ما علـينا فـي الدين من حرج أن نزنـي ونسرق؟ قال: بلـى، ولكن الإصر الذي كان علـى بنـي إسرائيـل وُضع عنكم. حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { وَيَضَعُ عَنْهُمْ إصْرَهُمْ } قال: ها من الأعمال الشديدة كقطع الـجلد من البول، وتـحريـم الغنائم، ونـحو ذلك من الأعمال التـي كانت علـيهم مفروضة، فنسخها حكم القرآن. وأما الأغلال التـي كانت علـيهم، فكان ابن زيد يقول بـما: حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب عنه فـي قوله: { والأغْلالَ التـي كانَتْ عَلَـيْهِمْ } قال: الأغلال. وقرأغُلَّتْ أيْدِيهِمْ } قال: تلك الأغلال، قال: ودعاهم إلـى أن يؤمنوا بـالنبـيّ، فـيضع ذلك عنهم. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { فـالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الـمُفْلِـحُونَ }. يقول تعالـى ذكره: فـالذين صدّقوا بـالنبـيّ الأميّ، وأقرّوا بنبوّته، { وعَزَّرُوهُ } يقول: وَقَّروه وعظموه وحموه من الناس. كما: حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس: { وعَزَّروه } يقول: حَموه ووقروه. حدثنـي الـحرث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنـي موسى بن قـيس، عن مـجاهد: { وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ } قال: عزّروه: سدّدوا أمره، وأعانوا رسوله ونصروه. وقوله { نَصَرُوهُ } يقول: وأعانوه علـى أعداء الله وأعدائه بجهادهم ونصب الـحرب لهم. { وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ } يعنـي القرآن والإسلام. { أُولَئِكَ هُمُ الـمُفْلِـحُونَ } يقول: الذين يفعلون هذه الأفعال التـي وصف بها جلّ ثناؤه أتبـاع مـحمد صلى الله عليه وسلم هم الـمنـجحون. الـمدركون ما طلبوا ورجوا بفعلهم ذلك. حدثنـي بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: فما نقموا، يعنـي الـيهود إلاَّ أن حسدوا نبـيّ الله، فقال الله: { الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ } فأما نصره وتعزيره فقد سُبقتـم به، ولكن خياركم من آمن بـالله واتبع النور الذي أنزل معه. يريد قتادة بقوله: «فما نقموا إلاَّ أن حسدوا نبـيّ الله» أن الـيهود كان مـحمد صلى الله عليه وسلم بـما جاء به من عند الله رحمة علـيهم لو اتبعوه، لأنه جاء بوضع الإصر والأغلال عنهم، فحملهم الـحسد علـى الكفر به وترك قبول التـخفـيف لغلبة خذلان الله علـيهم.

PreviousNext
1 2 3